الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        جميع ما سبق هو فيما يتحلى به لبسا ، فأما الأواني من الذهب والفضة فيحرم على النساء والرجال جميعا استعمالها ، ويحرم اتخاذها أيضا على الأصح ، وقد سبق ذلك مع غيره في باب الأواني ، وفي تحلية سكاكين الخدمة وسكين المقلمة بالفضة للرجال وجهان . أصحهما : التحريم ، والمذهب : تحريمها على النساء . وفي تحلية المصحف بالفضة وجهان . وقيل : قولان ، أصحهما : الجواز ، ونقل عن نصه في القديم والجديد وحرملة ، ونقل التحريم عن نصه في سير الواقدي . وفي تحليته بالذهب أربعة أوجه . أصحها عند الأكثرين : إن كان المصحف لامرأة ، جاز ، وإن كان لرجل ، حرم ، والثاني : يحرم مطلقا ، والثالث : يحل مطلقا ، والرابع : يجوز تحلية نفس المصحف دون غلافه المنفصل عنه ، وهو ضعيف ، وأما تحلية سائر الكتب ، فحرام بالاتفاق . وأما تحلية الدواة ، والمقلمة ، والمقراض ، فحرام على الأصح ، وأشار الغزالي إلى طرد الخلاف في سائر الكتب . وفي تحلية الكعبة والمساجد بالذهب والفضة وتعليق قناديلها فيها ، وجهان ، أصحهما : التحريم ، [ ص: 265 ] فإنه لا ينقل عن السلف ، والثاني : الجواز كما يجوز ستر الكعبة بالديباج ، وحكم الزكاة مبني على الوجهين ، لكن لو جعل المتخذ وقفا فلا زكاة بحال .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        إذا أوجبنا الزكاة في الحلي المباح ، فاختلف قيمته ووزنه بأن كان لها خلاخل وزنها مائتان وقيمتها ثلاثمائة ، أو فرض مثله في المناطق المحلاة للرجل ، فالاعتبار في الزكاة بقيمتها أو وزنها ؟ فيه وجهان . أصحهما عند الجماهير : بقيمتها ، فعلى هذا يتخير بين أن يخرج ربع عشر الحلي مشاعا ، ثم يبيعه الساعي ويفرق الثمن على المساكين ، وبين أن يخرج خمسة دراهم مصوغة قيمتها ستة ونصف ، ولا يجوز أن يكسره فيخرج خمسة مكسرة ؛ لأن فيه ضررا عليه وعلى المساكين . ولو أخرج عنه عن الذهب ما يساوي سبعة ونصفا ، لم يجز عند الجمهور ؛ لإمكان تسليم ربع العشر مشاعا وبيعه بالذهب ، وجوزه ابن سريج للحاجة ولو كان له إناء وزنه مائتان ، ويرغب فيه بثلاثمائة ، فإن جوزنا اتخاذه ، فحكمه ما سبق في الحلي ، وإن حرمنا فلا قيمة لصنعته شرعا ، فله إخراج خمسه من غيره ، وله كسره وإخراج خمسه منه ، وله إخراج ربع عشره مشاعا ، ولا يجوز إخراج الذهب بدلا . وكل حلي لا يحل لأحد من الناس فحكم صنعته حكم صنعة الإناء ، ففي ضمانها على كاسرها وجهان . وما يحل لبعض الناس ، فعلى كاسره ضمانه ، وما يكره من التحلي كالضبة الصغيرة على الإناء للزينة ، قال الأصحاب : له حكم الحرام في وجوب الزكاة قطعا . وقال صاحب التهذيب من عند نفسه : الأولى أن يكون كالمباح .

                                                                                                                                                                        قلت : ولو وقف حليا على قوم يلبسونه أو ينتفعون بأجرته ، فلا زكاة فيه قطعا ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية