الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          وإن طلقها ثلاثا في طهر لم يصبها فيه ، كره ، وفي تحريمه روايتان .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( وإن طلقها ثلاثا ) وقيل : أو اثنتين بكلمة أو كلمات ( في طهر ) - لم يقيده في " الفروع " - ( لم يصبها فيه ، كره ) ; للاختلاف في تحريمه ( وفي تحريمه روايتان ) إحداهما : لا يحرم ، ويكون تاركا للاختيار ، واختاره الخرقي ، وهو قول عبد الرحمن بن عوف ، والحسن بن علي ; لأن الملاعن طلق امرأته ثلاثا قبل أن يأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي رواية [ ص: 262 ] داود : فطلقها ثلاث تطليقات عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنفذه ولم ينقل أنه - عليه السلام - أنكره ، ولو لم يكن للسنة لأنكره ، فعليها : يكره ، ذكره جماعة ، ونقل أبو طالب : هو طلاق السنة ، والثانية : يحرم ، وهو بدعة ، ويقع ، اختاره الأكثر; لقوله تعالى : يا أيها النبي إذا طلقتم النساء الآية ، ثم قال : ومن يتق الله يجعل له مخرجا [ الطلاق : 2 ] ، ومن طلق ثلاثا ، لم يبق له أمر يحدث ، ولم يجعل له مخرجا ، وقد روى النسائي عن محمود بن لبيد ، قال : أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعا ، فقام غضبانا ، ثم قال : أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم ، حتى قام رجل فقال : يا رسول الله ، ألا أقتله ؛ ; ولأنه تحريم للبضع من غير حاجة ، فحرم كالظهار ، بل هذا أولى; لأن الظهار يرتفع تحريمه بالتكفير ، والثالثة : يحرم في الطهر لا الأطهار ، وظاهره : أنه إذا طلق اثنتين فهو للسنة وإن كان الجمع بدعة ، وقال المجد : هو كما لو جمع بين الثلاث .

                                                                                                                          مسألة : إذا أوقع ثلاثا في كلمة واحدة - وقع الثلاث ، روي عن جماعة من الصحابة ، وهو قول أكثر العلماء ، وقال جماعة : من طلق البكر ثلاثا فهو واحدة ، وحكى المحب الطبري عن الحجاج بن أرطاة وابن مقاتل : أن طلاق الثلاث واحدة ، وأنكر النووي حكايته عن الحجاج ، وأن المشهور عنه أنه لا يقع شيء ، وأوقع الشيخ تقي الدين من ثلاث - مجموعة أو مفرقة قبل رجعة - واحدة ، وقال : إنه لا يعلم أحدا فرق بين الصورتين ، ولم يوقعه على حائض وفاقا لابن عقيل في " الواضح " ; لأن النهي للفساد ، ولا في طهر وطئ فيه ، وقال عن قول عمر في إيقاع الثلاث : إنما جعله لإكثارهم منه ، فعاقبهم على الإكثار لما عصوا بجمع [ ص: 263 ] الثلاث ، فيكون عقوبة من لم يتق الله من التعزير الذي يرجع إلى اجتهاد الأئمة ، كالزيادة على الأربعين في حد الخمر ، لما أكثر الناس منه وأظهروه ، ساغت الزيادة عقوبة ، ثم إن كانت لازمة مؤبدة كانت حدا ، وإن كان المرجع إلى اجتهاد الإمام - كان تعزيزا .




                                                                                                                          الخدمات العلمية