الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          الخامس : مضي الحول شرط إلا في الخارج من الأرض ، فإذا استفاد مالا ، فلا زكاة فيه حتى يتم عليه الحول إلا نتاج السائمة ، وربح التجارة ، فإن حولهما حول أصلهما إن كان نصابا ، وإن لم يكن نصابا فحوله من حين كمل النصاب ، وإن ملك نصابا صغارا ، انعقد عليه الحول حين ملك . ونحن لا ينعقد حتى يبلغ سنا يجزئ مثله في الزكاة ، ومتى نقص النصاب في بعض الحول أو باعه ، أو أبدله بغير جنسه انقطع الحول إلا أن يقصد بذلك الفرار من الزكاة عند قرب وجوبها فلا تسقط . وإن أبدله بنصاب من جنسه ، بنى على حوله ، ويتخرج أن ينقطع ، وإذا تم الحول وجبت الزكاة في عين المال ، وعنه : تجب في الذمة ، ولا يعتبر في وجوبها إمكان الأداء . ولا تسقط بتلف المال ، وعنه : أنها تسقط إذا لم يفرط . وإذا مضى حولان على نصاب لم يؤد زكاتهما ، فعليه زكاة واحدة إن قلنا : تجب في العين ، وزكاتان إن قلنا : تجب في الذمة ، إلا ما كانت زكاته الغنم من الإبل ، فإن عليه لكل حول زكاة ، وإن كان أكثر من نصاب فعليه زكاة جميعه لكل حول إن قلنا : تجب في الذمة ، وإن قلنا : تجب في العين نقص عليه من زكاته في كل حول بقدر نقصه بها ، وإذا مات من عليه الزكاة أخذت من تركته ، فإن كان عليه دين اقتسموا بالحصص .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( الخامس : مضي الحول شرط ) لقول عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول " رواه ابن ماجه من رواية حارثة بن محمد ، وقد ضعفه جماعة ، وقال النسائي : متروك ، وروى الترمذي معناه من حديث ابن عمر من رواية عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وقد تكلم فيه غير واحد ، قال الخطابي : أراد به المال النامي كالمواشي والنقود ؛ لأن نماءها لا يظهر إلا بمضي الحول عليها ، وإذا ثبت فيهما ثبت في عروض التجارة ؛ لأن الزكاة في قيمتها ؛ ولأنها لا تجب إلا في ملك تام ، فاعتبر له الحول رفقا بالمالك ، وليتكامل النماء فيتساوى فيه ، وظاهره لا بد من تمام الحول ، والأشهر أنه يعفى عن ساعتين ، وكذا نصف يوم ، وفي " المحرر " ، وقاله جماعة : لا يؤثر نقصه دون اليوم ؛ لأنه لا يضبط غالبا ، ولا يسمى في العرف نقصا ، ولا يعتبر طرفا الحول خاصة ، ولنا وجه ( إلا في الخارج من الأرض ) لقوله تعالى : وآتوا حقه يوم حصاده [ الأنعام : 141 ] ، وذلك ينفي اعتباره في الثمار والحبوب ، وأما المعدن والركاز فبالقياس عليهما ( فإذا استفاد مالا ) بإرث أو هبة ونحوها ( فلا زكاة فيه حتى يتم عليه الحول ) لقوله - عليه السلام - : [ ص: 303 ] " ليس في المستفاد زكاة حتى يحول عليه الحول " رواه الترمذي ، وقال : روي موقوفا على ابن عمر ؛ وهو أصح ، ولأنه مال ملكه بسبب منفرد ، فاعتبر له الحول ، أشبه ما لو استفاده ولا مال له غيره ، وظاهره : لا فرق بين أن يكون من جنس ما عنده كمن استفاد إبلا وعنده إبل ، أو من غير جنسه ( إلا نتاج السائمة ، وربح التجارة ، فإن حولهما حول أصلهما ) أي : يجب ضمهما إلى ما عنده من أصله ( إن كان نصابا ) في قول الجمهور ، ولقول عمر : اعتد عليهم بالسخلة ، ولا تأخذها منهم . رواه مالك ، ولقول علي : عد عليهم الصغار والكبار ، ولا يعرف لهما مخالف في الصحابة ؛ ولأن السائمة يختلف وقت ولادتها ، فإفراد كل واحدة يشق ، فجعلت تبعا لأماتها ؛ ولأنها تابعة لها في الملك ، فيتبعها في الحول ، فلو ماتت واحدة من الأمات ، فنتجت سخلة ، انقطع بخلاف ما لو نتجت ثم ماتت ، وربح التجارة كذلك معنى ، فوجب أن يكون مثله حكما ( وإن لم يكن ) الأصل ( نصابا فحوله من حين كمل النصاب ) ؛ لأنه حينئذ تتحقق فيه التبعية ، كما وجبت فيه الزكاة ، وقد علم أنه قبل ذلك لا تجب فيه الزكاة لنقصانه عن النصاب ، ونقل حنبل : حول الكل منذ ملك الأمات لنماء النصاب ، وفيه شيء .



                                                                                                                          تنبيه : إذا نض الربح قبل الحول ، لم يستأنف له حولا ، ولا يبني الوارث على حول الموروث ، نقله الميموني عن أحمد ، ويضم المستفاد إلى نصاب بيده من جنسه أو ما في حكمه ، ويزكي كل واحد إذا تم حوله ، وقيل : يعتبر النصاب في مستفاد ( وإن ملك نصابا صغارا انعقد عليه الحول حين ملك ) هذا هو المذهب لعموم قوله : " في أربعين شاة شاة " ؛ لأنها تقع على الكبير والصغير ، ولقول أبي [ ص: 304 ] بكر : لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم على منعها . وهي لا تجب في الكبار ، لكن لو تغذت باللبن فقط فقيل : يجب لوجوبها فيها للأمات ، كما يتبعها في الحول ، وقيل : لا لعدم السوم ، اختاره المجد ( وعنه : لا ينعقد حتى يبلغ سنا يجزئ مثله في الزكاة ) لقول مصدق النبي - صلى الله عليه وسلم - : " أمرني أن لا آخذ من راضع شيئا ، إنما حقنا في الثنية والجذعة " ، وعليها إذا ماتت الأمات كلها إلا واحدة لم ينقطع الحول ، بخلاف ما إذا ماتت كلها ، قاله في : " الشرح " ، وذكر القاضي في " شرحه الصغير " أنها تجب في الحقاق ، وفي بنات المخاض واللبون وجهان بناء على السخال ( ومتىنقص النصاب في بعض الحول ) انقطع ؛ لأن وجود النصاب في جميع الحول شرط للوجوب ، وظاهره عدم العفو عنه مطلقا ، لكن اليسير معفو عنه كالحبة والحبتين ، ولا في النقص بين أن يكون في وسط الحول أو طرفه ، وظاهر كلام القاضي وغيره أن اليسير من وسط الحول مؤثر ، وظاهر الخبر يقتضي التأثير مطلقا ، قال في " الشرح " : وهو أولى إن شاء الله تعالى ( أو باعه ) ولو بيع خيار على المذهب ( أو أبدله بغير جنسه ) كمن أبدل أربعين من الغنم بعشرين دينارا ، أو مائتي درهم بثلاثين من البقر ( انقطع الحول ) لما تقدم ، ويستأنف حولا ، لكن لا ينقطع بموت الأمات والنصاب تام النتاج ، ولا بيع فاسد ، وظاهره أنه ينقطع إذا أبدل ذهبا بفضة ، وبالعكس ؛ وهو رواية مخرجة من عدم الضم وإخراجه عنه ؛ لأنهما جنسان ، والمذهب : لا ينقطع ، لأنهما كالجنس الواحد ، فإن لم ينقطع ، أخرج مما معه عند وجوب الزكاة ، وذكر القاضي : [ ص: 305 ] أنه يخرج مما ملكه أكثر الحول ، قال ابن تميم : ونص أحمد على مثله ، وذكر القاضي وأصحابه ، والشيخان : إذا اشترى عرضا لتجارة بنقد ، أو باعها به ، أنه يبني على حول الأول ؛ لأن الزكاة تجب في أثمان العروض ؛ وهي من جنس النقد وفاقا ، وفي عطفه الإبدال على البيع دليل على أنهما غيران . وقال أبو المعالي : المبادلة هل هي بيع ؛ فيه روايتان ، ثم ذكر نصه بجواز إبدال المصحف لا بيعه ، وقول أحمد : المعاطاة بيع ، والمبادلة معاطاة ، وبعض أصحابنا عبر بالبيع ، وبعض بالإبدال ، ودليلهم يقتضي التسوية .

                                                                                                                          فرع : لا ينقطع الحول في أموال الصيارفة ، لئلا يفضي إلى سقوطها فيما ينمو ووجوبها في غيره ، والأخرى يقتضي العكس ( إلا أن يقصد بذلك الفرار من الزكاة عند قرب وجوبها فلا تسقط ) ويحرم ؛ لقوله تعالى : إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة [ القلم : 17 ] ، فعاقبهم تعالى بذلك لفرارهم من الزكاة ؛ لأنه قصد به إسقاط حق غيره فلم يسقط ، كالمطلق في مرض موته ، وشرط المؤلف وجماعة أن يكون ذلك عند قرب وجوبها ؛ لأنه مظنة قصد الفرار ، بخلاف ما لو كان في أول الحول ، أو وسطه ؛ لأنها بعيدة أو منتفية ، وفي " الرعاية " قبل الحول بيومين ، وقيل : أو بشهرين لا أزيد ، والمذهب أنه إذا فعل ذلك فرارا منها أنها لا تسقط مطلقا ، أطلقه أحمد ، وحكم الإتلاف كذلك ، وحينئذ يزكي من جنس المبيع لذلك الحول ، وفي " مفردات " أبي يعلى الصغير عن بعض أصحابنا : يسقط بالتحيل ؛ وهو قول أكثرهم كما بعد الحول الأول ، لعدم تحقق التحيل فيه .

                                                                                                                          [ ص: 306 ] فرع : إذا ادعى عدم الفرار ، وثم قرينة ، عمل بها ، وإلا فالقول قوله في الأشهر ( وإن أبدله بنصاب من جنسه بنى على حوله ) نص عليه ؛ لأنه لم يزل مالكا لنصاب في جميع الحول ، نص عليه ، فوجبت الزكاة لوجود شرطها ، وإن زاد بالاستبدال يتبع الأصل في الحول ، نص عليه ، كنتاج ، فلو أبدل مائة شاة بمائتين ، لزمه شاتان إذا حال حول المائة ، وقال أبو المعالي : يستأنف لزائد حولا ، وهو ظاهر ، ومقتضاه أنه أبدله بدون نصاب أنه ينقطع ؛ وهو كذلك ( ويتخرج أن ينقطع ) ذكره أبو الخطاب ؛ لأن كل واحد منهما لم يحل عليه الحول ، وكالحقين ، وكرجوعه إليه بعيب أو فسخ .



                                                                                                                          ( وإذا تم الحول وجبت الزكاة في عين المال ) نقله واختاره الأكثر ، قال الجمهور : هو ظاهر المذهب ، وجزم به في " الوجيز " ؛ لقوله - عليه السلام - : " في أربعين شاة شاة ، وفيما سقت السماء العشر " ، وغيرها من الألفاظ الواردة بلفظ " في " المقتضية للظرفية ، وإنما جاز الإخراج من غير رخصة ( وعنه : يجب في الذمة ) اختاره " الخرقي " وأبو الخطاب ، قال ابن عقيل : هو الأشبه بمذهبنا ؛ لأنه يجوز إخراجها من غير النصاب ، أشبه صدقة الفطر ، ولو وجبت فيه لامتنع تصرف المالك فيه بغير إذن الفقير ولتمكنه من أدائها من غير المال ، ولسقطت بتلفه من غير تفريط لسقوط أرش الجناية بتلف الجاني ( ولا يعتبر في وجوبها إمكان الأداء ) كخبر اشتراط الحول ، فإنه يدل على الوجوب بعد الحول مطلقا ؛ ولأنها حق الفقير ، فلم يعتبر فيها إمكان الأداء كدين الآدمي ، ولأنه لو [ ص: 307 ] اشترط لم ينعقد الحول الثاني حتى يمكن من الأداء ، وليس كذلك ، بل ينعقد عقب الأول إجماعا ، واحتج القاضي بأن للساعي المطالبة ، ولا يكون إلا لحق سبق وجوبه ، كالصوم ، فإنه يقضيه المريض ، بخلاف الإطعام عنه على الأصح ؛ لأن في الكفارة والفدية معنى العقوبة ، وعنه : ويعتبر ؛ لأنها عبادة ، فاشترط لوجوبها إمكان الأداء كسائر العبادات ، وعنه : يعتبر في غير المال الظاهر ، والأول هو المجزوم به ، وقياسهم ينقلب ، فيقال عبادة ، فاشترط لوجوبها إمكان الأداء كسائر العبادات ، فإن الصوم يجب على المريض والحائض والعاجز عن أدائه ، وعليه لو أتلف النصاب بعد الحول قبل التمكن من الأداء ضمنها ، وعلى الثانية : لا ، وجزم في " الكافي " ، و " نهاية " أبي المعالي بالضمان ( ولا يسقط بتلف المال ) ؛ لأنها عين تسليمها إلى مستحقها ، يضمنها بتلفها في يده كعارية وغصب ، وظاهره : ولو فرط ؛ لأنها حق آدمي ، أو مشتملة عليه ، فلا تسقط بعد وجوبها لدين آدمي ، ويستثنى منه : المعشرات إذا تلفت بآفة قبل الإحراز ، وفي " المحرر " قبل قطعها ؛ لأنها من ضمان البائع بدليل الجائحة ؛ إذ استقراره منوط بالوضع في الجرين ، وزكاة الدين بعدم تلفه بيده ( وعنه : أنها تسقط إذا لم يفرط ) قال المؤلف : وهو الصحيح إن شاء الله تعالى ؛ لأنها تجب على سبيل المواساة ، فلا يجب على وجه يجب أداؤها مع عدم المال ، وفقر من تجب عليه ؛ ولأنها حق يتعلق بالعين ، فيسقط بتلفها من غير تفريط كالوديعة ، وجزم بعضهم : إن علقت بالذمة ، لم يسقط ، وإلا فالخلاف ، وقال المجد على الرواية الثانية : يسقط في الأموال الظاهرة دون الباطنة ، نص عليه ، وقال أبو حفص العكبري : روى أبو عبد الله [ ص: 308 ] النيسابوري الفرق بين الماشية والمال ، والعمل على ما روى الجماعة أنها كالمال ذكره القاضي وغيره .



                                                                                                                          ( وإذا مضى حولان على نصاب لم يؤد زكاتهما ، فعليه زكاة واحدة إن قلنا تجب في العين ) ولو تعدى بالتأخير ؛ لأن المال يصير ناقصا لتعليق حق الفقراء بجزء منه ، فلا تجب فيه للحول الثاني لنقصانه ، وتصير زكاة الحول الأول باقية ( وزكاتان إن قلنا : تجب في الذمة ) أطلقه أحمد وبعض الأصحاب ؛ لأن المال نصاب كامل من كل حول ، فلم يؤثر في تنقيص النصاب . قال ابن عقيل : ولو قلنا : إن الدين يمنع ، لم يسقط هنا ؛ لأن الشيء لا يسقط نفسه ، وقد يسقط غيره ، واختار جماعة منهم صاحب " المستوعب " ، و " المحرر " إن سقطت الزكاة بدين الله ، وليس له سوى النصاب ، فلا زكاة للحول الثاني ، لأجل الدين ، لا للتعلق بالعين ، زاد صاحب " المستوعب " متى قلنا : يمنع الدين ، فلا زكاة للعام الثاني تعلقت بالعين أو الذمة ، وإن أحمد حيث لم يوجب زكاة الحول الثاني فإنه بناء على رواية منع الدين ؛ لأن زكاة العام الأول صارت دينا على رب المال ، والعكس بالعكس ، فعلى المذهب في مائتين وواحدة من الغنم خمس : ثلاث للأول ، واثنتان للثاني ، وعلى الثاني : ست لحولين ( إلا ما كانت زكاته الغنم من الإبل ، فإن عليه لكل حول زكاة ) نص عليه في رواية الأثرم أن الواجب فيه من الذمة ، وإن الزكاة تتكرر ؛ لأن الواجب من غير الجنس ، أي : ليس بجزء من النصاب ، وبه يفرق بينه وبين الواجب من الجنس ، وظاهر كلام أبي الخطاب ، واختاره السامري ، و " المحرر " أنه كالواجب من الجنس ؛ لأن تعلق [ ص: 309 ] الزكاة كتعلق الأرش بالجاني . فعلى ما ذكره ، لو لم يكن سوى خمس من الإبل ففي امتناع زكاة الحول الثاني ؛ لكونها دينا ، ما سبق من الخلاف ( وإن كان أكثر من نصاب ، فعليه زكاة جميعه لكل حول إن قلنا : تجب في الذمة ) ؛ لأن الزكاة لما وجبت في الذمة ، لم تتعلق بشيء من المال ، فوجب إخراجها لكل حول ما لم تفن الزكاة المال ( وإن قلنا : تجب في العين يسقط من زكاة كل حول بقدر نقصه بها ) ؛ لأنها لما وجبت في العين ، نقص من المال مقدار الزكاة لتعلقها به ، فوجب أن لا تجب فيه زكاة ، لكونه مستحقا للفقراء ، فوجب أن ينقص من الجميع مقدار زكاة النقص الذي تعلقت به الزكاة ، فعلى الأول : لو كان له أربعمائة درهم وجب فيها لحولين عشرون ، وعلى الثاني : تسعة عشر درهما ونصف درهم وربعه ؛ لأنه تعلق قدر الواجب في الحول الأول بالمال من الحول الثاني فينقص عشرة فيبقى ثلاثمائة وتسعون درهما ، وقوله : " سقط من زكاة كل حول " لا يشمل الحول الأول ؛ لأنه بلا حول لم يكن قبله شيء وجب حتى ينتقص بقدره على التعليق بالعين ( وإذا مات من عليه الزكاة أخذت من تركته ) نص عليه ؛ لقوله - عليه السلام - : " دين الله أحق بالقضاء " ، ولأنه حق واجب تصح الوصية به ، فلم يسقط بالموت كدين الآدمي ، وظاهره : ولو لم يوص بها كالعشر ، ونقل إسحاق بن هانئ في حج لم يوص به ، وزكاة ، وكفارة ، وكفارة من الثلث ، ونقل عنه - أيضا - من رأس المال سوى النص السابق ( فإن كان عليه دين ) ولم يف بالكل ( اقتسموا بالحصص ) نص عليه ، كديون الآدميين إذا ضاق عنها [ ص: 310 ] المال ، وعنه : يبدأ بالدين ، وذكره بعضهم ، وذكره قولا لتقديمه بالرهينة ؛ ولأن حقه مبني على الشح ، بخلاف حق الله ، وأجاب ابن المنجا بأنها حق آدمي ، أو مشتملة على حقه ، وقيل : يقدم الزكاة إن علقت بالعين ، اختاره في المجرد و " المستوعب " قال صاحب " المحرر " : لبقاء المال الزكوي ، فجعله أصلا ، ولو علقت بالذمة ؛ لأن تعلقها بالعين قهري ، فيقدم على مرتهن ، وغريم مفلس ، كأرش جناية ، وإن تعلقت بالذمة ، فهذا التعلق بسبب المال ، فيزداد وينقص ، ويختلف بحسبه ، وعنه : تقدم الزكاة على الحج ؛ لأن قدر الواجب منها مستقر ، ويقدم النذر بمعين عليها ، وعلى الدين .




                                                                                                                          الخدمات العلمية