الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          [ ص: 357 ] فصل

                                                                                                                          في المعدن

                                                                                                                          ومن استخرج من المعدن نصابا من الأثمان ، أو ما قيمته نصاب من الجوهر والصفر والزئبق والقار والنفط والكحل والزرنيخ وسائر ما يسمى معدنا ، ففيه الزكاة في الحال ربع العشر من قيمته ، أو من عينها إن كانت أثمانا ؛ سواء استخرجه في دفعة أو دفعات ، لم يترك العمل بينهما ترك إهمال ، ولا يجوز إخراجها من عينها إذا كانت أثمانا إلا بعد السبك والتصفية ،

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          فصل

                                                                                                                          في المعدن

                                                                                                                          بكسر الدال سمي به لعدون ما أثبته الله فيه لإقامته يقال : عدن عدونا ، والمعدن : المكان الذي عدن فيه الجوهر ( ومن استخرج ) إذا كان من أهل الزكاة ، وترك البينة عليه لدلالة ما سبق ( من معدن ) سواء كان في أرض مملوكة أو مباحة ، ولو من داره ، نص عليه ، أو في موات خرب ، فإن أخرجه من أرض غيره ، فإن كان جاريا ، فكأرضه إن قلنا : هو على الإباحة ، وأنه يملك ، وإن قلنا : لا يملكه ، وأنه يملك بملك الأرض ، أو كان جامدا ، فهو لرب الأرض ، لكن لا يلزمه زكاته حتى يصل إلى بلده كالمغصوب ( نصابا من الأثمان ) فلعموم الأدلة ( أو ما قيمته نصاب ) من غير النقدين بقيمة أحدهما ؛ لأنهما قيم الأشياء ، وعنه : يجب فيما دون نصاب الأثمان ، ثم مثله بقوله ( من الجوهر ، والصفر ، والزئبق ، والقار ، والنفط ، والكحل ، والزرنيخ ، وسائر ما يسمى معدنا ) كالبلور ، والعقيق ، والحديد ، والكبريت ، والمغرة ، ونحوها ( ففيه الزكاة ) لقوله تعالى : أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض [ البقرة : 267 ] ، ولما روى ربيعة بن عبد الرحمن ، عن غير واحد : " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقطع بلال بن الحارث المعادن القبلية قال : فتلك لا يؤخذ منها إلا الزكاة [ ص: 358 ] إلى اليوم " رواه مالك ، وأبو داود ، ولأنه حق يحرم على أغنياء ذوي القربى ، ففيه الزكاة لا الخمس كسائر الزكوات ، وظاهره وإن لم ينطبع من غير جنس الأرض ، وقد روي مرفوعا : " لا زكاة في حجر " إن صح فمحمول على الأحجار التي لا يرغب فيها عادة ، فدل أن الرخام معدن ، وجزم به جماعة ، قال الأصحاب : الطين مرغوب فيه ، فلا حق فيه ؛ ولأن الطين تراب ، ونقل مهنا : لم أسمع في معدن النار ، والنفط ، والكحل ، والزرنيخ شيئا ، قال بعضهم : وظاهره التوقف عن غير المنطبع ( في الحال ) لأهلها ؛ لأنه مال مستفاد من الأرض ، فلم يعتبر له حول كالزرع ( ربع العشر ) من عين أثمان أو ( من قيمته ) من غيرها ، وظاهره أنه يجب بظهوره ، جزم به في " الكافي " و " منتهى الغاية " وغيرهما ، كالثمرة ( سواء استخرجه من دفعة أو دفعات ، لم يترك العمل بينهما ترك إهمال ) ؛ لأنه لو اعتبر دفعة واحدة لأدى إلى عدم الوجوب فيه ؛ لأنه يبعد استخراج نصاب دفعة واحدة ، فإن أخرج دون نصاب ثم ترك العمل مهملا له ، أخرج دون نصاب ، فلا شيء فيهما ، وإن بلغا نصابا فعلى هذا لا أثر لتركه لمرض ، وسفر ، وصلاح آلة ، ونحوه مما جرت العادة به ، كالاستراحة ليلا أو نهارا ، أو لاشتغاله بنقل تراب خرج بين المثلين ، أو هرب عبيده ؛ لأن كل عرق يعتبر بنفسه ، وحد ابن المنجا الإهمال بترك العمل ثلاثة أيام إن لم يكن عذر ، وإن كان فبزواله .



                                                                                                                          مسألة : لا يضم جنس لآخر في تكميل النصاب غير نقد ، وقيل : بلى ، وقيل : مع تقاربهما كنار ونفط ، ومن أخرج نصابا من جنس من معادن ضم [ ص: 359 ] كالزرع في مكانين ( ولا يجوز إخراجها إذا كانت أثمانا إلا بعد السبك والتصفية ) ؛ لأنه قبل ذلك لا يتحقق إخراج الواجب ، فلم يجز كالحبوب ، فلو أخرج ربع عشر ترابه قبل تصفيته ، رده إن كان تالفا ، ويقبل قول الآخذ في قدره ؛ لأنه غارم ، فإن صفاه الآخذ مكان الواجب أجزأ ، وإن زاد رد الفاضل إلا أن يتركه المخرج ، وإن نقص كمله ، ولا يحتسب بمؤنتهما في الأصح لمؤنة استخراجه ، فإن كان دينا عليه احتسب به على الصحيح ، كما يحتسب بما أنفق على الزرع ، وأطلق في " الكافي : " لا يحتسب به بكون الحصاد والزراعة ، وظاهره أنه يجزئ إخراج القيمة عن غيرها قبل السبك والتصفية ، وهو غير ظاهر .



                                                                                                                          مسألة : يجوز بيع تراب معدن وصاغة بغير جنسه ، نص عليه ، كعرض ؛ لأنه مستور بما هو من أصل الخلقة كالباقلاء في قشرته ، وعنه : لا كجنسه ، ونقل مهنا : لا في تراب صاغة ، وإن غيره أهون ، وزكاته على البائع لوجوبها عليه كبيع حب بعد صلاحه .




                                                                                                                          الخدمات العلمية