الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          ومن نوى قبل الفجر ، ثم جن ، أو أغمي عليه جميع النهار ، لم يصح صومه ، وإن أفاق جزءا منه ، صح صومه وإن نام جميع النهار ، صح صومه . ويلزم المغمى عليه القضاء دون المجنون

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( ومن نوى قبل الفجر ثم جن أو أغمي عليه جميع النهار لم يصح صومه ) لأن الصوم عبارة عن الإمساك مع النية فلم يوجد الإمساك المضاف إليه دل عليه قوله : إنه ترك طعامه وشرابه من أجلي فلم تعتبر النية منفردة عنه ، ( وإن أفاق ) أي : المغمى عليه ( جزءا منه ، صح صومه ) لقصده الإمساك في جزء من النهار ، فأجزأ كما لو نام بقية يومه . وظاهره أنه لا يتعين جزء للإدراك ، ولا يفسد قليل الإغماء [ ص: 18 ] الصوم ، والجنون كالإغماء ، وقيل : يفسد الصوم بقليله كالحيض ، بل أولى لعدم تكليفه .

                                                                                                                          وأجيب بأنه زوال عقل من بعض اليوم فلم يمنع صحته كالإغماء ، ويفارق الحيض فإنه لا يمنع الوجوب ، وإنما يمنع صحته ويحرم فعله ، ( وإن نام جميع النهار صح صومه ) ; لأنه معتاد ، ولا يزيل الإحساس بالكلية وخالف فيه الإصطخري ، وهو شاذ ، ( ويلزم المغمى عليه ) إذا لم يصح صومه ( القضاء ) في الأصح ; لأنه مرض وهو مغط على العقل غير رافع للتكليف ، ولا تطول مدته ، ولا تثبت الولاية على صاحبه ، ويدخل على الأنبياء - عليهم السلام - ، وعنه : لا يقضي كالجنون ( دون المجنون ) فلا يلزمه قضاء لعدم تكليفه ، سواء فات بالجنون الشهر أو بعضه ، وعنه : يقضي ; لأنه معنى يزيل العقل فلم يمنع وجوب الصوم كالإغماء ، وعنه : إن أفاق في الشهر قضى ما مضى ، وإن أفاق بعده ، فلا ، كما لو جن في أثنائه ، وكما لو أفاق في جزء من اليوم ، لكن إذا جن في صوم قضاء وكفارة ، فإنه يقضيه بالوجوب السابق .




                                                                                                                          الخدمات العلمية