الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

الانتباه لما قال الحاكم ولم يخرجاه

محمد بن محمود بن إبراهيم عطية

صفحة جزء
منهج الحاكم ومصطلحاته في الكتاب

من المعروف أن الحاكم إذا قال: صحيح على شرطهما، فإنه يعني أن رجال الحديث ممن اتفق الشيخان على الإخراج لهما في صحيحيهما، وكذلك إذا قال: على شرط البخاري ، فإنه يعني أن رجال الحديث ممن أخرج لهم البخاري في الصحيح، وكذلك إذا قال على شرط مسلم ، فإنه يعني أن رجال الحديث [ ص: 20 ] ممن أخرج لهم مسلم في الصحيح، مع الوضع في الاعتبار إسناده هو إلى شيخ البخاري أو مسلم ، وأما إذا قال: صحيح ولم يخرجاه، فمعناه صحيح عنده على ما اشترط في رجال الإسناد.

قال النووي - رحمه الله: المراد بقول المحدثين: على شرطهما أو على شرط أحدهما: أن يكون رجال الإسناد في كتابيهما أو في كتاب أحدهما; لأنهما ليس لهما شرط في كتابيهما، ولا في غيرهما.

قال ابن الصلاح في (علوم الحديث): واعتنى الحاكم أبو عبد الله الحافظ بالزيادة في عدد الحديث الصحيح على ما في الصحيحين، وجمع ذلك في كتاب سماه (المستدرك) أودعه ما ليس في واحد من الصحيحين مما رآه على شرط الشيخين قد أخرجا عن رواته في كتابيهما. ا هـ. قال الحافظ العراقي في (التقييد والإيضاح): فيه بيان أن ما هو على شرطهما هو ما أخرجا عن رواته في كتابيهما، ولم يرد الحاكم ذلك، فقد قال في خطبة كتاب المستدرك: (وأنا أستعين الله تعالى على إخراج أحاديث رواتها ثقات قد احتج بمثلها الشيخان، أو أحدهما). فقول الحاكم : (بمثلها) أي: بمثل رواتها، لا بهم أنفسهم، ولا يحتمل أن يراد بمثله تلك الأحاديث، وفيه نظر، ولكن الذي ذكره المصنف هو الذي فهمه ابن دقيق العيد من عمل الحاكم ، فإنه ينقل تصحيح الحاكم لحديث، وإنه على شرط البخاري مثلا، ثم يعترض عليه بأن فيه فلانا لم يخرج له البخاري ، وهكذا فعل الذهبي في مختصر المستدرك، ولكن ظاهر كلام الحاكم مخالف لما فهموه عنه، والله أعلم. وتعقبه الحافظ ابن حجر قال: ما اعترض به شيخنا على ابن دقيق العيد والذهبي ليس بجيد، لأن الحاكم استعمل لفظة (مثل) في أعم من الحقيقة والمجاز في الأسانيد والمتون، دل على ذلك صنعه، فإنه تارة يقول: على شرطهما، وتارة على شرط البخاري ، وتارة على شرط [ ص: 21 ] مسلم ، وتارة صحيح الإسناد ولا يعزوه لأحدهما، وأيضا فلو قصد بكلمة (مثل) معناها الحقيقي حتى يكون المراد: احتج بغيرها ممن فيهم من الصفات مثل ما في الرواة الذين خرجا عنهم، لم يقل قط على شرط البخاري ، فإن شرط مسلم دونه، فما كان على شرطه فهو على شرطهما لأنه حوى شرط مسلم وزاد.

قلت: الذي قاله الحافظ ابن حجر - رحمه الله - حسن جدا; وأضيف إلى ذلك أن الحاكم إذا قال: (ولم يخرجاه) فمعناه عنده: أنهما لم يخرجاه من الوجه الذي خرجه ولا من غيره، ولم يخرجاه بسياقه، ولا بغيره. ودليل ذلك أنه كثيرا ما يذكر: ولم يخرجاه بهذه السياقة، ونحو ذلك مما يدل على صحة ما ذكرناه; فمثلا:

1 - روى: 2/ 96 (2472) حديث سعد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد للمسلمين: أنبلوا سعدا ، إرم يا سعد رمى الله لك، إرم فداك أبي وأمي. هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه بهذه السياقة.

2 - وروى: 2/ 141 (2626) حديث عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ذمة المسلمين واحدة، فإن جازت عليهم جائزة فلا تخفروها، فإن لكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة. هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه بهذه السياقة، إنما اتفقا على ذكر الغادر فقط. ا هـ. قلت: اتفقا عليه من حديث ابن عمر (خ 3188) و (م 1735) ; وابن مسعود وأنس (خ 3187) و (م 1736، 1737), وانفرد مسلم بروايته عن أبي سعيد (1738)، ولم يخرجاه من حديث عائشة . وهذا دليل بين واضح لما قررناه.

3 - وقال رقم (3236): حدثنا علي بن حمشاذ العدل، حدثنا بشر بن موسى، حدثنا عبد الله بن الزبير الحميدي ، حدثنا سفيان ، حدثنا عمرو بن دينار قال: قلت لجابر بن عبد الله أنهم يزعمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن لحوم الحمر [ ص: 22 ] الأهلية يوم خيبر؟ قال: قد كان يقول ذلك الحكم بن عمرو عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولكن أبى ذلك البحر (يعني ابن عباس رضي الله عنهما) وقرأ: قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما الآية، وقد كان أهل الجاهلية يتركون أشياء تقذرا، فأنزل الله عز وجل في كتابه وبين حلاله وحرامه، فما أحل فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو، ثم تلا هذه الآية: قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير . هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه السياقة.

قلت: أخرجه البخاري (5529) قال: حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان ، قال عمرو : قلت لجابر بن زيد يزعمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن حمر الأهلية؟ فقال: قد كان يقول ذاك الحكم بن عمرو الغفاري عندنا بالبصرة، ولكن أبى ذاك البحر ابن عباس وقرأ: قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما . فالسياق فيه اختصار; ومع هذا قال ابن كثير في تفسيره عند تفسير هذه الآية: ورواه الحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه; مع أنه في صحيح البخاري كما رأيت. ا هـ.

قلت: لم ينتبه الحافظ ابن كثير - رحمه الله - لقول الحاكم : (بهذه السياقة).

4 - وقال: 1/ 35: بعد أن روى حديث فضالة مرفوعا: طوبى لمن هدي إلى الإسلام وكان عيشه كفافا وقنع. هذا حديث صحيح على شرط مسلم ، وبلغني أنه خرجه بإسناد آخر. قلت: رواه مسلم (1054) عن عبد الله بن عمرو بنحوه.

5 - وقال: 2/ 148، 149: (2652) بعد أن روى حديث حذيفة : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: دوروا مع كتاب الله حيث ما دار فقلنا: فإذا اختلف الناس فمع من نكون؟ فقال: انظروا الفئة التي فيها ابن سمية فالزموها فإنه يدور مع كتاب الله قال: قلت: ومن ابن سمية؟! قال: أو ما تعرفه؟ قلت: بينه لي؟ قال: عمار بن ياسر ، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لعمار: يا أبا اليقظان لن تموت حتى تقتلك الفئة الباغية عن الطريق. هذا حديث له طرق بأسانيد صحيحة أخرجا بعضها، ولم يخرجاه بهذا اللفظ. قلت: اتفقا عليه من حديث أبي سعيد [ ص: 23 ] الخدري (خ 447، 2812) و (م 2915)، ورواه مسلم (2916) عن أم سلمة . ولم يروياه من حديث حذيفة .

6 - بل قال: 1/ 327 (1220) بعد أن روى حديث عبد الرحمن بن مهدي ثنا شعبة عن ثابت عن أنس : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء. هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، وقد خرجه مسلم من حديث يحيى بن أبي بكير عن شعبة . ا هـ. قلت: رواه مسلم (895).

7 - وقال: 2/ 245، 246: (2967) بعد أن روى حديث قتادة عن الحسن عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ: وترى الناس سكارى وما هم بسكارى : قد أخرج البخاري هذا الحديث عن عمر بن حفص بن غياث عن أبيه عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد رضي الله عنه: يقول الله: يا آدم أخرج بعث النار الحديث بطوله وفي آخره: وترى الناس سكارى وما هم بسكارى . وأصح الحديثين الحديث الذي أخرجه الإمام البخاري . ا هـ. قلت: أخرجه البخاري بهذا الإسناد (4741)، واتفقا عليه من حديث جرير عن الأعمش به (خ 6530) و (م 222).

8 - وقال: 2/ 250 (2990) بعد أن روى حديث ابن جرير عن أبي الزبير عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ: (فطلقوهن في قبل عدتهن). قد أخرج مسلم هذا الحديث بطوله، عن ابن جريج عن أبي الزبير أنه سمع عبد الرحمن بن أيمن يسأل عبد الله بن عمر في رجل طلق امرأته وهي حائض، وأظنه ذكر هذا اللفظ. ا هـ.

قلت: صدق ظنه رواه مسلم (1741) وذكر هذا اللفظ.

9 - وقال: 1/ 340 بعد أن روى حديث جابر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: يبعث كل عبد على ما مات: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجه البخاري . ا هـ. قلت: صدق، فقد أخرجه مسلم (2878) [ ص: 24 ] .

10 - وقال: 2/ 90 (2449) بعد أن روى حديث أبي مسعود رضي الله عنه قال: جاء رجل بناقة مخطومة فقال: هذه في سبيل الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لك بها يوم القيامة سبعمائة كلها مخطومة هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجه البخاري . وصدق، فقد أخرجه مسلم (1892).

11 - وروى: 2/ 174 (2719) عن الحسن في قول الله عز وجل: فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن قال: حدثني معقل بن يسار المزني أنها نزلت فيه، قال: كنت زوجت أختا لي من رجل فطلقها، حتى إذا انقضت عدتها جاء يخطبها، فقلت له: زوجتك وفرشتك وأكرمتك فطلقتها ثم جئت تخطبها! لا والله لا تعود إليها أبدا، قال: وكان رجلا لا بأس به، وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه، قال: فأنزل الله هذه الآية، فقلت: الآن أفعل يا رسول الله، فزوجتها إياه. قال أبو بكر محمد بن إسحاق : في هذا الحديث دلالة واضحة على أن الله عز وجل جعل عقد النكاح إلى الأولياء دونهن، وإنه ليس إلى النساء - وإن كن ثيبات- من العقد شيء. ثم قال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجه مسلم . قلت: صدق، انفرد بإخراجه البخاري (5130) بنحوه، ومختصرا (4529)، وبمعناه (5331).

12 - وقال: 1/ 569 بعد أن أورد طرق حديث سعد بن أبي وقاص مرفوعا: ليس منا من لم يتغن بالقرآن: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه بهذا الإسناد.

قلت: أخرجه البخاري (7527) عن أبي هريرة .

13 - وقال: 2/ 91 (2454) بعد أن روى حديث أبي كبشة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: الخيل معقود في نواصيها الخير، وأهلها معانون عليها، والمنفق عليها كالباسط يده بالصدقة. هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه بهذه الزيادة، وفيها له شاهد. ثم ساق الشاهد. قلت: اتفقا عليه من حديث ابن عمر (خ 2849) و (م 1871)، وعروة البارقي (خ 2850، 2852، 3119) و (م [ ص: 25 ] 1873)، وانفرد البخاري بروايته عن أنس (3645)، ومسلم بروايته عن جرير (1872)، ولم يروياه عن أبي كبشة.

14 - وقال: 2/ 303 (3185) بعد حديث عمرو بن أبي قيس عن محمد بن المنكدر عن جابر : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعودني وأنا مريض في بني سلمة، فقلت: يا رسول الله كيف أقسم مالي بين ولدي؟ فلم يرد علي شيئا، فنزلت: يوصيكم الله في أولادكم . قال: قد اتفق الشيخان على إخراج حديث شعبة عن محمد بن المنكدر في هذا الباب بألفاظ غير هذه، وهذا إسناد صحيح ولم يخرجاه. قلت: انفرد البخاري بحديث شعبة عن ابن المنكدر (194، 5676، 6743) ; واتفقا على حديث سفيان عن ابن المنكدر : البخاري (5651، 6723، 7309) ومسلم (1616); وابن جريج عن ابن المنكدر : البخاري (4577) ومسلم (1616).

15 - وقال: 2/ 268 (3061) أخبرنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أبنا محمد بن غالب، حدثنا عيسى بن إبراهيم البركي، حدثنا المعافى بن عمران الموصلي، حدثنا مصعب بن ثابت عن محمد بن كعب القرظي ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جنازة فينا في بني سلمة، وأنا أمشي إلى جنب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال رجل: نعم المرء، ما علمنا إن كان لعفيفا مسلما، إن كان.. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنت الذي تقول؟ قال: يا رسول الله ذاك بدا لنا، والله أعلم بالسرائر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: وجبت. قال: وكنا معه في جنازة رجل من بني حارثة أو من بني عبد الأشهل، فقال رجل: بئس المرء ما علمنا، إن كان لفظا غليظا، إن كان.. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنت الذي تقول؟ قال: يا رسول الله، الله أعلم بالسرائر، فأما الذي بدا لنا منه فذاك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: وجبت. ثم تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا . هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، إنما اتفقا على [ ص: 26 ] وجبت فقط. كذا قال، وتعقبه الذهبي فقال: مصعب ليس بالقوي. ا هـ. قلت: إنما أخرجاه بنحوه عن أنس : البخاري (1367) ومسلم (949).

16 - وروى 3/ 267 (5163) حديث أنس أن أهل اليمن قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: ابعث معنا رجلا يعلمنا القرآن، فأخذ بيد أبي عبيدة فأرسله معهم وقال: هذا أمين هذه الأمة. ثم قال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه بذكر القرآن. ا هـ. قلت: صدق، فقد أخرجه مسلم (2419) بلفظ: أن أهل اليمن قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: ابعث معنا رجلا يعلمنا السنة والإسلام، قال: فأخذ بيد أبي عبيدة فقال: هذا أمين هذه الأمة.

17 - بل قال: 4/ 247 (7626) حدثنا أبو الحسين أحمد بن إسحاق العدل الصيدلاني، ثنا الفضل بن محمد الشعراني، ثنا إسماعيل بن أبي أويس، ثنا إبراهيم بن سعد ، عن صالح بن كيسان، عن الأعرج ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لتدخلن الجنة إلا من أبى وشرد على الله كشراد البعير. هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وقد أخرجه البخاري - رحمه الله - عن محمد بن سنان العوفي ، عن فليح بن سليمان، عن هلال بن علي، عن عطاء بن يسار ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى قيل: يا رسول الله ومن أبى؟ قال: من عصاني فقد أبى. قلت: رواه البخاري (7280).

18 - وقال: 2/ 142 (2629) أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أبنا أبو المثنى، حدثنا مسدد ، حدثنا معاذ بن هشام ، حدثني أبي، عن قتادة ، عن أبي بردة بن عبد الله بن قيس أن أباه رضي الله عنه حدث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا خاف قوما قال: اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم. هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، وأكبر ظني أنهما لم يخرجاه. ا هـ. قلت: صدق ظنه فإنهما لم يخرجاه، وإنما رواه أحمد : 4/ 414، وأبو داود (1537)، والنسائي في الكبرى (8631، 10437) [ ص: 27 ] .

19 - بل قال: 3/ 462 (5944) حدثنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق الإمام، أنا العباس بن الفضل الأسفاطي، ثنا إسماعيل بن أويس، حدثني أخي، عن سليمان بن بلال ، عن أسامة بن زيد ، عن ابن شهاب ، عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين أن عبد الله بن عباس والمسور بن مخرمة اختلفا في المحرم يغسل رأسه بالماء جنابة، فأرسلاني إلى أبي أيوب الأنصاري وهو في بعض مياه مكة أسأله عن ذلك، فذكر الحديث بطوله. هذه فضيلة لأبي أيوب أن ابن عباس والمسور بن مخرمة رجعا إليه في السؤال، وأظن أن الشيخين رضي الله عنهما قد خرجاه أو أحدهما في كتاب الطهارة. قلت: صدق الحاكم رحمه الله، فقد أخرجاه ولكن في كتاب الحج، لا في كتاب الطهارة: البخاري (1840)، ومسلم (1205).

فهذه أمثلة تثبت ما ذهبنا إليه من أن الحاكم رحمه الله أراد بقوله: (ولم يخرجاه) أنهما لم يخرجاه بالسياق الذي أورده ولا من الطريق التي أوردها. والعلم عند الله تعالى.

التالي السابق


الخدمات العلمية