الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر فيه ثلاثة أوجه:

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 475 ] أحدها: أن الزبور الكتب التي أنزلها الله تعالى على أنبيائه ، والذكر أم الكتاب الذي عنده في السماء ، وهذا قول مجاهد. والثاني: أن الزبور من الكتب التي أنزلها الله تعالى على من بعد موسى من أنبيائه ، وهذا قول الشعبي. أن الأرض يرثها عبادي الصالحون فيها ثلاثة أقاويل: أحدها: أنها أرض الجنة يرثها أهل الطاعة ، وهذا قول سعيد بن جبير ، وابن زيد. والثاني: أنها الأرض المقدسة يرثها بنو إسرائيل ، وهذا قول الكلبي. والثالث: أنها أرض الدنيا ، والذي يرثها أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، وهذا قول ابن عباس. قوله عز وجل: إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين أما قوله : إن في هذا ففيه قولان: أحدهما: يعني في القرآن. والثاني: في هذه السورة. وفي قوله: لبلاغا لقوم عابدين وجهان: أحدهما: أنه بلاغ إليهم يكفهم عن المعصية ويبعثهم على الطاعة.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أنه بلاغ لهم يبلغهم إلى رضوان الله وجزيل ثوابه. وفي قوله: عابدين وجهان: أحدهما: مطيعين. والثاني: عالمين. قوله عز وجل: وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين فيما أريد بهذه الرحمة وجهان: أحدهما: الهداية إلى طاعة الله واستحقاق ثوابه.

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 476 ] الثاني: أنه ما رفع عنهم من عذاب الاستئصال. وفي قوله: للعالمين وجهان: أحدهما: من آمن منهم ، فيكون على الخصوص في المؤمنين إذا قيل إن الرحمة الهداية.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: الجميع ، فيكون على العموم في المؤمنين والكافرين إذا قيل إن الرحمة ما رفع عنهم من عذاب الاستئصال.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية