الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1277 [ ص: 211 ] حديث سادس لعبد الله بن أبي بكر

مالك ، عن عبد الله بن أبي بكر ، عن عمرة بنت عبد الرحمن أن عائشة أم المؤمنين أخبرتها : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان عندها ، وأنها سمعت صوت رجل يستأذن في بيت حفصة ، قالت عائشة : فقلت : يا رسول الله هذا رجل يستأذن في بيتك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فلانا " لعم حفصة من الرضاعة ، فقالت عائشة : يا رسول الله لو كان فلان حيا - لعمها من الرضاعة - دخل علي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم ، إن الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة .

التالي السابق


قد مضى القول في معنى هذا الحديث ، وما كان مثله في باب ابن شهاب ، عن عروة ، فلا معنى لإعادة ذلك هاهنا .

[ ص: 212 ] وقد نسبنا عمرة بنت عبد الرحمن فيما مضى أيضا من كتابنا هذا .

وأما قوله في هذا الحديث : لعم حفصة من الرضاعة ، فإنه كان عمها ; لأنه كان أخا عمر بن الخطاب من الرضاعة , أرضعتهما امرأة واحدة ، وليس كأفلح أخي أبي القعيس عم عائشة ، وقد ذكرنا كيف المعنى في قصة عائشة مع أخي أبي القعيس في باب ابن شهاب ، عن عروة ، فلا معنى لتكريره هاهنا .

وأما قوله في هذا الحديث : إن الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة ففيه دليل على أن امرأة الابن من الرضاعة محرمة ، فإن ظن ظان أن في قول الله عز وجل : ( وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم ) دليلا على أن الأبناء من الرضاعة لا تحرم حلائلهم على آبائهم ، فليس كما ظن ; لأن هذه الآية إنما نزلت في حلائل الأبناء من الأصلاب نفيا للذين تبنوا ، ولم يكونوا أبناء مثل زيد بن حارثة ، إذ تبناه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وكان يدعى زيد بن محمد حتى نزلت ( ادعوهم لآبائهم ) ، ثم نكح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - امرأته بعد أن قضى زيد منها وطره وطلقها ، فمعنى قوله : الذين من أصلابكم يريد غير المتبنين .

وأما الرضاعة فلا ، ألا ترى إلى قول الله [ ص: 213 ] عز وجل : ( وأن تجمعوا بين الأختين ) بعد قوله : ( وحلائل أبنائكم ) أنه قد دخل فيه بإجماع المسلمين الأختان من الرضاعة لما بينه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الرضاعة أنها تحرم ما يحرم النسب ، فلو تزوج رجل صبيتين رضيعتين فجاءت امرأة فأرضعتهما صارتا أختين بالرضاع وحرمتا عليه ، واستأنف نكاح أيتهما شاء . فقف على الأصل في هذا الباب ، وفي كل باب - تعرف به وجه الصواب .




الخدمات العلمية