الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 95 ] الفصل الثاني من الباب الثاني من الجملة الثانية

في الإقامة .

اختلفوا في الإقامة في موضعين : في حكمها ، وفي صفتها .

أما حكمها فإنها عند فقهاء الأمصار في حق الأعيان والجماعات سنة مؤكدة أكثر من الأذان ، وهي عند أهل الظاهر فرض ولا أدري هل هي فرض عندهم على الإطلاق أو فرض من فروض الصلاة ؟ والفرق بينهما أن على القول الأول لا تبطل الصلاة بتركها .

وعلى الثاني : تبطل ، وقال ابن كنانة من أصحاب مالك : من تركها عامدا بطلت صلاته .

وسبب هذا الاختلاف : اختلافهم هل هي من الأفعال التي وردت بيانا لمجمل الأمر بالصلاة فيحمل على الوجوب لقوله - عليه الصلاة والسلام - : " صلوا كما رأيتموني أصلي " أم هي من الأفعال التي تحمل على الندب ؟ وظاهر حديث مالك بن الحويرث يوجب كونها فرضا إما في الجماعة وإما على المنفرد .

وأما صفة الإقامة : فإنها عند مالك والشافعي أما التكبير الذي في أولها فمثنى ، وأما ما بعد ذلك فمرة واحدة إلا قوله : قد قامت الصلاة ، فإنها عند مالك مرة واحدة ، وعند الشافعي مرتين .

وأما الحنفية فإن الإقامة عندهم مثنى مثنى ، وخير أحمد بن حنبل بين الإفراد والتثنية على رأيه في التخيير في النداء .

وسبب الاختلاف : تعارض حديث أنس في هذا المعنى وحديث أبي ليلى المتقدم ، وذلك أن في حديث أنس الثابت أمر بلال أن يشفع الأذان ويفرد الإقامة إلا : قد قامت الصلاة .

وفي حديث أبي ليلى أنه - عليه الصلاة والسلام - : أمر بلالا فأذن مثنى وأقام مثنى .

والجمهور على أنه ليس على النساء أذان ولا إقامة .

وقال مالك : إن أقمن فحسن ، وقال الشافعي : إن أذن وأقمن فحسن ، وقال إسحاق : إن عليهن الأذان والإقامة .

وروي عن عائشة أنها كانت تؤذن وتقيم فيما ذكره ابن المنذر ، والخلاف آيل إلى هل تؤم المرأة أو لا تؤم ؟ وقيل : الأصل أنها في معنى الرجل في كل عبادة ، إلا أن يقوم الدليل على تخصيصها ، أم في بعضها هي كذلك وفي بعضها يطلب الدليل ؟ .

التالي السابق


الخدمات العلمية