الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 167 ] ( كتاب اللقيط ) :



1382 - ( 1 ) - حديث سنين بن أبي جميلة : أنه وجد منبوذا فجاء به إلى عمر ، فقال : " ما حملك على أخذ هذه النسمة ؟ " فقال : وجدتها ضائعة فأخذتها فقال عريفه : يا أمير المؤمنين ; إنه رجل صالح ، فقال : " اذهب فهو حر ، ولك ولاؤه ، وعلينا نفقته . مالك في الموطأ والشافعي عنه ، عن ابن شهاب ، عنه به ، وزاد عبد الرزاق عن مالك : " وعلينا نفقته من بيت المال . وعلقه البخاري بمعناه ، وأخرجه البيهقي من طريق ابن عيينة ، عن الزهري ، أنه سمع سنينا أبا جميلة يحدث سعيد بن المسيب قال : وجدت منبوذا على عهد عمر ، فذكره عريفي لعمر ، فأرسلا لي فدعاني ، والعريف عنده ، فلما رآني مقبلا قال : " عسى الغوير أبؤسا " . قال العريف : يا أمير المؤمنين . إنه ليس بمتهم ، قال : " على ما أخذت هذه النسمة ؟ " قال : وجدتها بمضيعة فأردت أن يأجرني الله فيها ، قال : " هو حر ، وولاؤه لك ، وعلينا رضاعه .

( تنبيهان ) الأول : يقع في نسخ الرافعي ستين بن جميلة ، والصواب : سنين أبو جميلة وهو صحابي معروف ، لم يصب من قال : إنه مجهول .

الثاني : اسم العريف المذكور سنان ، أفاده الشيخ أبو حامد في تعليقه .

1383 - ( 2 ) - حديث علي : { أن النبي صلى الله عليه وسلم دعاه إلى الإسلام قبل بلوغه . فأجابه }. قال : ابن سعد في الطبقات أخبرنا إسماعيل بن أبي أويس ، [ ص: 168 ] حدثني أبي ، عن الحسن بن زيد بن الحسن قال : { إن النبي صلى الله عليه وسلم دعا عليا إلى الإسلام وهو ابن سبع سنين أو دونها ، فأجاب ولم يعبد وثنا قط لصغره }.

وروى البيهقي بسند ضعيف عن علي أنه كان يقول : { سبقتكم إلى الإسلام طرا صغيرا ما بلغت أوان حلمي }. وروى الحاكم في المستدرك ، عن ابن عباس : { أن النبي صلى الله عليه وسلم دفع الراية إلى علي يوم بدر }وهو ابن عشرين سنة ، وكانت بدر بعد المبعث بأربع عشرة سنة ، فيكون في المبعث ستة أو سبعة أعوام وفي المستدرك أيضا من طريق ابن إسحاق أن عليا أسلم وهو ابن عشر سنين . وقال ابن أبي خيثمة : أخبرنا قتيبة أخبرنا الليث ، عن أبي الأسود ، عمن حدثه : أن عليا أسلم وهو ابن ثمان سنين . وأما ما روي عن الحسن أن عليا كان له حين أسلم خمس عشرة سنة . فقد ضعفه ابن الجوزي لاتفاقهم على أنه لما مات لم يجاوز ثلاثا وستين ، واختلف فيما دونها فلو صح قول الحسن لكان عمره ثمانيا وستين .

قلت : قد قيل : إن عمره كان خمسا وستين ، فإذا قلنا بما رواه ربيعة ، عن أنس : { أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام بمكة بعد المبعث عشر سنين }. فيتخرج قول الحسن على وجه من الصحة ، وإن كان الأصح غيره . وقال البيهقي : يحتمل أن يكون قول الصبي المميز في أول البعثة كان محكوما بصحته ، ثم ورد الحكم بغير ذلك ، وأما على قول الحسن فلا إشكال ، وأغرب من ذلك قول جعفر بن محمد ، عن أبيه ، أنه لما مات كان عمره ثمانيا وخمسين سنة ، فإن قلنا بالمشهور كان عمره عند المبعث خمس سنين أو ستا . وإن قلنا بقول ربيعة ، عن أنس ، كان ابن ثمان أو تسع ، والله أعلم .

واحتج البيهقي على صحة إسلام الصبي بحديث أنس : { كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم } - الحديث - وفيه { : أنه مرض فعرض عليه الإسلام فأسلم }. وأخرجه البخاري ، وبحديث ابن عمر أنه عرض الإسلام على [ ص: 169 ] ابن صياد وهو لم يبلغ الحلم . متفق عليه ، وبحديث : { مروهم بالصلاة لسبع }. أخرجه أصحاب السنن وقد تقدم .

1384 - ( 3 ) - حديث عمر : أنه استشار الصحابة في نفقة اللقيط ، فقالوا : في بيت المال . وكذا أورده الماوردي في الحاوي والشيخ في المهذب ، ولم يقف له على أصل ، وإنما يعرف ما تقدم من قصة أبي جميلة : أن عمر قال : { وعلينا نفقته من بيت المال }. لكن لم ينقل أن أحدا من الصحابة أنكر عليه .

1385 - ( 4 ) - حديث : أن عمر قال لغلام ألحقه القافة بالمتنازعين معا : " انتسب إلى أيهما شئت . الشافعي ومن طريقه البيهقي عن أنس بن عياض ، وعن هشام ، عن أبيه ، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب : " أن رجلين تداعيا ولدا ، فدعا له عمر القافة ، فقالوا : لقد اشتركا فيه ، فقال عمر : وال أيهما شئت . ورواه البيهقي من طريق أخرى ، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب ، عن أبيه فوصله ، ورواه مالك في الموطأ والشافعي عنه ، عن يحيى بن سعيد ، عن سليمان بن يسار ، عن عمر نحوه . ورواه البيهقي من وجه آخر ، عن سليمان بن يسار ، عن عمر بقصة مطولة ، ومن طريق مبارك بن فضالة ، عن الحسن ، عن عمر في رجلين وطئا جارية في طهر واحد فجاءت بغلام ، فارتفعا [ ص: 170 ] إلى عمر فذكر نحوه وفي الباب عن علي أخرجه الطحاوي وغيره

التالي السابق


الخدمات العلمية