الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ثعب ]

                                                          ثعب : ثعب الماء والدم ونحوهما يثعبه ثعبا : فجره ، فانثعب كما ينثعب الدم من الأنف . قال الليث : ومنه اشتق مثعب المطر . وفي الحديث : يجيء الشهيد يوم القيامة وجرحه يثعب دما ; أي : يجري . ومنه حديث عمر - رضي الله عنه - : صلى وجرحه يثعب دما . وحديث سعد - رضي الله عنه - : فقطعت نساه فانثعبت جدية الدم ، أي : سالت ، ويروى فانبعثت . وانثعب المطر : كذلك . وماء ثعب وثعب وأثعوب وأثعبان : سائل ، وكذلك الدم ; الأخيرة مثل بها سيبويه وفسرها السيرافي . وقال اللحياني : الأثعوب : ما انثعب . والثعب مسيل الوادي ، والجمع ثعبان . وجرى فمه ثعابيب كسعابيب ، وقيل : هو بدل ، وهو أن يجري منه ماء صاف فيه تمدد . والمثعب - بالفتح - واحد مثاعب الحياض . وانثعب الماء : جرى في [ ص: 19 ] المثعب . والثعب والوقيعة والغدير كله من مجامع الماء . وقال الليث : والثعب الذي يجتمع في مسيل المطر من الغثاء . قال الأزهري : لم يجود الليث في تفسير الثعب ، وهو عندي المسيل نفسه ، لا ما يجتمع في المسيل من الغثاء . والثعبان : الحية الضخم الطويل ، الذكر خاصة . وقيل : كل حية ثعبان . والجمع ثعابين . وقوله تعالى : فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين ; قال الزجاج : أراد الكبير من الحيات ، فإن قال قائل : كيف جاء : فإذا هي ثعبان مبين . وفي موضع آخر : تهتز كأنها جان ; والجان : الصغير من الحيات . فالجواب في ذلك : أن خلقها خلق الثعبان العظيم ، واهتزازها وحركتها وخفتها كاهتزاز الجان وخفته . قال ابن شميل : الحيات كلها ثعبان ، الصغير والكبير والإناث والذكران . وقال أبو خيرة : الثعبان الحية الذكر . ونحو ذلك قال الضحاك في تفسير قوله تعالى : فإذا هي ثعبان مبين . وقال قطرب : الثعبان الحية الذكر الأصفر الأشعر ، وهو من أعظم الحيات . وقال شمر : الثعبان من الحيات ضخم عظيم أحمر يصيد الفأر . قال : وهي ببعض المواضع تستعار للفأر ، وهو أنفع في البيت من السنانير . قال حميد بن ثور :


                                                          شديد توقيه الزمام كأنما نرى بتوقيه الخشاشة أرقما     فلما أتته أنشبت في خشاشه
                                                          زماما كثعبان الحماطة محكما

                                                          والأثعبان : الوجه الفخم في حسن بياض . وقيل : هو الوجه الضخم . قال :


                                                          إني رأيت أثعبانا جعدا     قد خرجت بعدي وقالت نكدا

                                                          قال الأزهري : والأثعبي الوجه الضخم في حسن وبياض . قال : ومنهم من يقول : وجه أثعباني . ابن الأعرابي : من أسماء الفأر البر ، والثعبة ، والعرم . والثعبة ضرب من الوزغ ، تسمى سام أبرص ، غير أنها خضراء الرأس والحلق جاحظة العينين ، لا تلقاها أبدا إلا فاتحة فاها وهي من شر الدواب ، تلدغ فلا يكاد يبرأ سليمها ، وجمعها ثعب . وقال ابن دريد : الثعبة دابة أغلظ من الوزغة تلسع ، وربما قتلت ، وفي المثل : ما الخوافي كالقلبة ، ولا الخناز كالثعبة . فالخوافي : السعفات اللواتي يلين القلبة . والخناز : الوزغة . ورأيت في حاشية نسخة من الصحاح موثوق بها ما صورته : قال أبو سهل : هكذا وجدته بخط الجوهري الثعبة - بتسكين العين . قال : والذي قرأته على شيخي في الجمهرة - بفتح العين - . والثعبة نبتة شبيهة بالثعلة إلا أنها أخشن ورقا ، وساقها أغبر ، وليس لها حمل ، ولا منفعة فيها ، وهي من شجر الجبل تنبت في منابت الثوع ، ولها ظل كثيف ، كل هذا عن أبي حنيفة . والثعب : شجر ، قال الخليل : الثعبان ماء ، الواحد ثعب . وقال غيره : هو الثغب - بالغين المعجمة - .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية