الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 159 ] [فصل]

في المثل والكفو في الكتاب والسنة ولغة العرب

قال تعالى : يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم [محمد :38] ، وقال : أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم [يس :81] ، وقال تعالى : فجزاء مثل ما قتل من النعم [المائدة :95] ، وقال : وجزاء سيئة سيئة مثلها [الشورى :40] ، وقال : وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به [النحل :126] ، وقال : فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم [البقرة :194] .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : «لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل ، ولا تبيعوا الفضة بالفضة إلا مثلا بمثل » وذكر الحديث .

وقال عمر بن الخطاب : لأمنعن فروج ذوات الأحساب إلا في الأكفاء .

وذكر الفقهاء المكافأة في النكاح وفي القصاص وفي محلل الرمي ، فهناك يعتبر كون الزوج كفؤا ، وفي القصاص أن يكون المقتول كفؤا ، [ ص: 160 ] وفي السباق أن يكون المحلل يكافئ فرسه فرسهما ورميه رميهما .

وذكروا المماثلة في ضمان الأموال بالغصب والإتلاف ، فإذا كان المال مثلها وهو المكيل والموزون ضمن بمثله ، وفي غيره خلاف . وكذلك في الربا العلة التماثل في المشهور عندنا ، فلا تباع المثليات وهي المكيل والموزون إلا مثلا بمثل .

وقالت عائشة : مثلي يغار على مثلك يا رسول الله!

وقال حسان بن ثابت :


أتهجوه ولست له بمثل . . . فشركما لخيركما فداء



[كل] هذا يدل على أن الأجسام ليست متماثلة في الكتاب والسنة ولغة العرب ، وأن الهواء ليس مثل النار ، ولا النبات مثل الحيوان ، وأن ما اصطلح عليه بعض المتكلمين إما أن يكون فاسدا في المعنى ، وإما أن يكون اصطلاحا ليس هو لغة العرب ، فلا يجوز حمل نصوص الكتاب والسنة وكلام السلف على اصطلاح حادث مخالف لاصطلاحهم .

ويعرف بهذا أن تسميتهم مثبتة الصفات مشبهة أو ممثلة إنما على ما حدوا به التماثل و . . . . . . في الحدود التي خرجوا بها عن حدودها [ ص: 161 ] في الكتاب والسنة وكلام السلف والعرب . وحينئذ فلا بد . . . . . . . في نصوص الكتاب والسنة ، فلا يصف [الله إلا] باسم ليس في الشرع ما يذمه ، فإن الذي حمده زين وذمه شين هو الله . . . . . . . .

وقوله في حديث الصورة : «لا يقولن أحدكم : قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك » يدل على أنه ليس ممتنعا من كل وجه كما هو قول . . . . . . . . .

التالي السابق


الخدمات العلمية