الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( باب إقرار الرجل بالنسب )

( قال رضي الله عنه ) : وإذا كان الرجل ذا قرابة أو وارث معروف لم يجز إقراره إلا بأربعة نفر الولد والوالد والمرأة ومولى العتاقة ولا يجوز إقرار المرأة إلا بثلاث الزوج والولد والمولى ; لأن إقرار المرأة على نفسها حجة ، وعلى غيرها ليس بحجة فالرجل بالإقرار بالأب يلزم نفسه بالانتساب إليه ; لأنه يجب على الولد أن ينسب إلى أبيه شرعا قال : عليه السلام { من انتسب إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا } .

وكذلك إن أقر بمولى العتاقة فإنما يقر على نفسه بوجوب الانتساب إلى المولى .

وكذلك إذا أقر بالمرأة فإنه يقر لها على نفسه بحقوق النكاح .

وكذلك إذا أقر بابن فإنما يقر على نفسه ; لأن الأب يحمل نسب الولد على نفسه .

وكذلك إذا أقر بمولى العتاقة الأسفل ; لأن الولاء بمنزلة النسب فإذا كان يحمله على نفسه كان مقبول القول في ذلك إذا صدقه صاحبه في جميع هذه الفصول إلا في الولد إذا كان صغيرا في يده أو كان مملوكا لا يحتاج إلى التصديق والمرأة في الإقرار بالأب والزوج ومولى العتاقة إنما تقر على نفسها أيضا والأبوية لا تمنع صحة إقرارها فإذا أقرت بابن فإنما أقرت به على غيرها ; لأن نسب الولد يثبت باعتبار الفراش فإنما يثبت من صاحب الفراش أولا ، وهو الزوج وإقرارها ليس بحجة على الزوج يوضحه أنه مع قيام النكاح بينها وبين هذا الزوج [ ص: 70 ] لا يتحقق بسبب صحيح بينها وبين غيره يثبت به نسب ولدها من ذلك الغير دون هذا الزوج ، وفي جانب الرجل يتحقق بسبب صحيح للنسب بينه وبين امرأة أخرى سوى المعروفة بالنكاح أو الملك يوضحه أن النسب يثبت من الرجل باعتبار الأعلاق حقيقة وذلك لا يقف عليه غيره فلا بد من قوله في ذلك .

وأما النسب من المرأة إنما يثبت باعتبار الولادة ، وهو ظاهر يقف عليه غيرها وهي القابلة فلا يجعل مجرد قولها في ذلك حجة وسواء كان هذا الإقرار في صحة أو مرض ; لأن حالة المرض إنما تخالف حالة الصحة باعتبار تعلق حق الغرماء والورثة بالتركة فما لا يتعلق به حق الغرماء والورثة كان الإقرار به في الصحة والمرض سواء والنسب والنكاح والولاء لا يتعلق به حق الغرماء والورثة فإن كان للمقر أب معروف أو مولى عتاقة معروف لم يجز إقراره بأب آخر ولا بمولى آخر لثبوت حق الأول ، ولأنه مكذب في هذا الإقرار شرعا فلا يكون ذلك دون تكذيب المقر له .

وكذلك لا يجوز إقرار المرأة بزوج ولها زوج معروف ; لأن المقر له حق الغير وإنها مكذبة في هذا الإقرار شرعا بخلاف الرجل يقر بامرأة وله امرأة معروفة فإنه غير مكذب في هذا الإقرار شرعا ، ولأنه لا حق له فيما أقر به .

( ألا ترى ) أنها لا تملك ذلك بطريق الإنشاء ولا يجوز إقرار واحد منهما بمن سوى هؤلاء من ابن ابن أو جد أو أخ ; لأنه يقر على الغير فإن نسب النافلة لا يثبت منه إلا بواسطة الأب فكان هذا إقرارا منه على أبيه .

وكذلك أحد الأخوين لا ينسب إلى صاحبه إلا بواسطة الأب فكان إقرارا منه على ابنه .

وكذلك الجد فإن جمع في الإقرار بين من يجوز إقراره به ومن لا يجوز إقراره به كان المال لمن جاز إقراره به إن كان ممن يرث جميع المال في حال انفراده نحو ما إذا أقر بابن وابنة ابن فالمال كله للابن بالفرض والفرد لأن إقراره بنسبه صحيح فيكون ثبوت نسبه بإقراره كثبوته بالبينة ، وإن كان ممن لا يرث جميعه مثل الزوج والزوجة كان له حظه كاملا والباقي بين الأخوين اللذين لا يثبت نسبهما بإقراره على حسابهما لو كانا معروفين ولم يترك لهما إلا باقي المال بيانه فيما إذا أقر بامرأة وابنة ابن وأخت فللمرأة الربع كاملا والباقي بين ابنة الابن والأخت على سبعة لابنة الابن أربعة وللأخت ثلاثة لأن إقرار فريضتهما من ثمانية إلا أنه لم يصدق في إدخال النقصان على المرأة فأخذت الربع كاملا ، وهو مصدق في حق الآخرين فتضرب ابنة الابن بنصيبها أربعة والأخت بثلاثة .

التالي السابق


الخدمات العلمية