الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          1002 - مسألة : ولا يحل أكل ما ذبح أو نحر لغير الله تعالى ، ولا ما سمي عليه غير الله تعالى متقربا بتلك الذكاة إليه - سواء ذكر الله تعالى معه أو لم يذكر - وكذلك ما ذكي من الصيد لغيره تعالى - : فلو قال : باسم الله وصلى الله على المسيح ، أو قال : على محمد ، أو ذكر سائر الأنبياء ، فهو حلال ; لأنه لم يهل به لهم ، قال الله تعالى : { أو فسقا أهل لغير الله به } فسواء ذكر الله تعالى عليه ، أو لم يذكر هو مما أهل لغير الله تعالى به فهو حرام سواء ذبحه مسلم أو كتابي .

                                                                                                                                                                                          وقال بعض القائلين : قد أباح الله تعالى لنا أكل ذبائحهم - وهو يعلم ما يقولون - : وهذا ليس حجة في إباحة ما حرم الله تعالى ، لأن الذي أباح لنا ذبائحهم ; وعلم ما يقولون هو الله عز وجل المحرم علينا ما أهل لغير الله به ، فلا يحل ترك شيء من أمره تعالى لأمر آخر ، ولا بد من استعمالهما جميعا ، وليس ذلك إلا باستثناء الأقل من الأعم .

                                                                                                                                                                                          ورويت في هذا روايات عن عبادة بن الصامت ، وأبي الدرداء ، والعرباض بن سارية ، وعلي ، وابن عباس ، وأبي أمامة ، كلها عن مجاهيل ، أو عن كذاب ، أو عن ضعيف ; ولكنه صحيح عن بعض التابعين . وروينا عن عائشة أم المؤمنين أن امرأة سألتها عما ذبح لعيد النصارى ؟ فقالت عائشة : أما ما ذبح لذلك اليوم فلا تأكلوا منه .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق ابن عمر ما ذبح للكنيسة فلا تأكله .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق عبد الرحمن بن مهدي عن قيس عن عطاء بن السائب عن زاذان عن علي بن أبي طالب قال : إذا سمعت النصراني يقول : باسم المسيح ، فلا تأكل ، وإذا لم تسمع فكل .

                                                                                                                                                                                          وصح عن إبراهيم النخعي في ذبيحة النصراني إذا توارى عنك فكل . [ ص: 87 ] وعن حماد بن أبي سليمان في ذبائح أهل الكتاب ، قال : كل ما لم تسمعه أهل به لغير الله تعالى .

                                                                                                                                                                                          وعن الحسن ، وطاوس ، ومجاهد : أنهم كرهوا ما ذبح للآلهة .

                                                                                                                                                                                          وعن عمر بن عبد العزيز أنه وكل بهم من يمنعهم أن يشركوا على ذبائحهم ، ويأمرهم أن يسموا الله تعالى . ومن طريق ابن أبي شيبة نا عبد الله بن المبارك عن معمر عن الزهري قال : إذا سمعت في الذبيحة غير اسم الله تعالى ، فلا تأكل .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق وكيع عن علي بن صالح عن محمد بن جحادة عن إبراهيم النخعي قال : إذا سمعته يهل بالمسيح ، فلا تأكل .

                                                                                                                                                                                          وهو قول الحارث العكلي ، ومحمد بن سيرين .

                                                                                                                                                                                          قال علي : ويقال لمن خالف هذا : قد أحل الله تعالى ذبائحهم ، وهو تعالى يعلم أنهم يذبحون الخنزير ، أفيأكله ؟ فمن قولهم : لا ، لأن الله تعالى حرم الخنزير ؟ فيقال لهم : والله تعالى حرم ما أهل به لغيره كما حرم الخنزير سواء سواء ، ولا فرق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية