الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        (ولا تحسبن الذين كفروا سبقوا) [59] .

                                                                                                                                                                                                                                        اسم تحسبن وخبره ، وقرأ حمزة ( ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا ) فزعم جماعة من النحويين منهم أبو حاتم أن هذا لحن لا تحل القراءة به ولا يسمع لمن عرف الإعراب أو عرفه ، قال أبو جعفر : وهذا تحامل شديد وقد ، قال أبو حاتم : أكثر من هذا قال لأنه لم يأت ليحسبن بمفعول ، وهو يحتاج إلى مفعولين ، قال أبو جعفر : القراءة تجوز ويكون المعنى ولا يحسبن من خلفهم الذين كفروا سبقوا فيكون الضمير يعود على ما تقدم إلا أن القراءة بالتاء أبين ، قال الفراء : وفي [ ص: 193 ] حرف عبد الله بن مسعود ( ولا يحسب الذين كفروا أنهم سبقوا أنهم لا يعجزون ) ويروى ( ولا تحسب الذين ) بفتح الباء وهذا على إرادة النون الخفيفة كما قال الشاعر :


                                                                                                                                                                                                                                        وسبح على حين العشيات والضحى ولا تحمد المثرين والله فاحمدا



                                                                                                                                                                                                                                        وإن شئت كسرت الدال ، وقرأ عبد الله بن عامر ( أنهم لا يعجزون ) بفتح الهمزة واستبعد أبو حاتم وأبو عبيد هذه القراءة ، قال أبو عبيد : وإنما تجوز على أن يكون المعنى ولا تحسبن الذين كفروا أنهم لا يعجزون ، قال أبو جعفر : الذي ذكره أبو عبيد لا يجوز عند النحويين البصريين لا يجوز حسبت زيدا أنه خارج إلا بكسر إن وإنما لم يجز لأنه في موضع المبتدأ كما تقول حسبت زيدا أبوه خارج ولو فتحت لصار المعنى حسبت زيدا خروجه وهذا محال وفيه أيضا من البعد أنه لا وجه لما قاله يصح به معنى إلا أن تجعل إلا زائدة ولا وجه لتوجيه حذف في كتاب الله جل وعز إلى التطول بغير حجة يجب التسليم لها والقراءة جيدة على أن يكون المعنى لأنهم لا يعجزون وزعم الفراء أنه تجوز قراءة حمزة على إضمار أن يكون المعنى ولا يحسبن الذين كفروا أن سبقوا ، قال أبو جعفر : لا يجوز إضمار أن إلا بعوض ومن أضمرها فقد أضمر بعض اسم وقد شبه الفراء هذا بقولهم عسى يقوم زيد ، وهو لا يشبهه لأن أن لو كانت ها هنا مضمرة [ ص: 194 ] لنصبت يقوم ، وقد ذكرنا أنه من قرأ ( لا يعجزون ) بكسر النون فقد لحن .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية