الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
حديث المعراج

روينا من طريق مسلم ، حدثنا شيبان بن فروخ ، حدثنا حماد بن سلمة ، حدثنا ثابت البناني ، عن أنس بن مالك ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "أتيت بالبراق وهو دابة أبيض طويل ، فوق الحمار ودون البغل ، يضع حافره عند منتهى طرفه ، قال : فركبته حتى أتيت بيت المقدس . قال : فربطته بالحلقة التي تربط بها الأنبياء . قال : ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ، ثم خرجت فجاءني جبريل عليه السلام بإناء من خمر وإناء من لبن ، فاخترت اللبن . فقال جبريل صلى الله عليه وسلم : اخترت الفطرة ، ثم عرج بنا إلى السماء فاستفتح جبريل عليه السلام ، فقيل : من أنت ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال محمد صلى الله عليه وسلم . قيل : وقد بعث إليه ؟ قال : قد بعث إليه . ففتح لنا فإذا أنا بآدم فرحب بي ودعا لي بخير ، ثم عرج بنا إلى السماء الثانية ، فاستفتح جبريل فقيل : من أنت ؟قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل : وقد بعث إليه ؟ قال : وقد بعث إليه . قال : ففتح لنا ، فإذا أنا بابني الخالة عيسى بن مريم ويحيى بن زكريا صلوات الله عليهما ، فرحبا بي ودعوا لي بخير ، ثم عرج بنا إلى السماء الثالثة ، فاستفتح جبريل ، فقيل : من أنت ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل : وقد بعث إليه ؟ قال : قد بعث إليه . ففتح لنا ، فإذا أنا بيوسف صلى الله عليه وسلم وإذا هو قد أعطي شطر الحسن . قال : فرحب بي ودعا لي بخير ، ثم عرج بنا إلى السماء الرابعة ، فاستفتح جبريل . قيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قال وقد بعث إليه ؟ قال : قد بعث إليه . ففتح لنا ، فإذا أنا بإدريس فرحب بي ودعا لي بخير . قال الله عز وجل : ( ورفعناه مكانا عليا ) ثم عرج بنا إلى السماء الخامسة ، فاستفتح جبريل . قيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل : وقد بعث إليه . قال : قد بعث إليه . [ ص: 246 ] ففتح لنا فإذا أنبأنا بهارون صلى الله عليه وسلم ، فرحب بي ودعا لي بخير ، ثم عرج بنا إلى السماء السادسة ، فاستفتح جبريل . قيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل : وقد بعث إليه ؟ قال : قد بعث إليه . ففتح لنا ، فإذا أنا بموسى صلى الله عليه وسلم فرحب بي ودعا لي بخير . ثم عرج بنا إلى السماء السابعة ، فاستفتح جبريل . فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل : وقد بعث إليه ؟ قال : قد بعث إليه . ففتح لنا ، فإذا أنا بإبراهيم صلى الله عليه وسلم مسندا ظهره إلى البيت المعمور ، وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه ، ثم ذهب بي إلى سدرة المنتهى ، فإذا ورقها كآذان الفيلة وإذا ثمرها كالقلال . قال : فلما غشيها من أمر الله ما غشي تغيرت فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها ، فأوحى الله إلي ما أوحى ، ففرض علي خمسين صلاة في كل يوم وليلة ، فنزلت إلى موسى ، فقال : ما فرض ربك على أمتك ؟ قلت : خمسين صلاة . قال : ارجع إلى ربك فسله التخفيف فإن أمتك لا تطيق ذلك ، فإني قد بلوت بني إسرائيل وخبرتهم . قال : فرجعت إلى ربي ، فقلت : يا رب ، خفف عن أمتي . فحط عني خمسا ، فرجعت إلى موسى . فقلت : حط عني خمسا . قال : إن أمتك لا يطيقون ذلك ، فارجع إلى ربك فسله التخفيف . قال : فلم أزل أرجع بين ربي تبارك وتعالى وبين موسى حتى قال : يا محمد ، إنهن خمس صلوات في كل يوم وليلة ، بكل صلاة عشر ، فذلك خمسون صلاة . ومن هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عملها [ ص: 247 ] كتبت له عشرا . ومن هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب عليه شيئا ، فإن عملها كتبت سيئة واحدة . قال : فنزلت حتى انتهيت إلى موسى ، فأخبرته . فقال : ارجع إلى ربك فسله التخفيف . فقلت : قد رجعت إلى ربي حتى استحييت منه" .

قال الشيخ : أبو أحمد ، حدثنا أبو العباس الماسرجسي ، حدثنا شيبان بن فروخ ، حدثنا حماد بن سلمة بهذا الحديث .

التالي السابق


الخدمات العلمية