الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              1652 [ ص: 456 ] (باب فيمن لا يؤدي الزكاة)

                                                                                                                              وقال النووي : (باب تغليظ عقوبة من لا يؤدي الزكاة) .

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 73-74 جـ7 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن أبي ذر قال: انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس في ظل الكعبة فلما رآني قال: "هم الأخسرون. ورب الكعبة!"

                                                                                                                              قال: فجئت حتى جلست. فلم أتقار أن قمت، فقلت: يا رسول الله! فداك أبي وأمي! من هم؟ قال: "هم الأكثرون أموالا. إلا من قال هكذا، وهكذا، وهكذا" من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله "وقليل ما هم. ما من صاحب إبل، ولا بقر، ولا غنم لا يؤدي زكاتها، إلا جاءت يوم القيامة أعظم ما كانت وأسمنه، تنطحه بقرونها، وتطؤه بأظلافها، كلما نفدت أخراها عادت عليه أولاها حتى يقضى بين الناس"
                                                                                                                              ]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن أبي ذر) رضي الله عنه: (قال: انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس في ظل الكعبة، فلما رآني قال: "هم الأخسرون. ورب الكعبة!"، قال: فجئت حتى جلست. فلم أتقار) . أي: لم يمكني القرار والثبات (أن قمت فقلت: يا رسول الله! فداك أبي وأمي! من هم؟ قال: "هم [ ص: 457 ] الأكثرون أموالا، إلا من قال: هكذا، وهكذا، وهكذا - من بين يديه، ومن خلفه، وعن يمينه، وعن شماله - وقليل ما هم ") .

                                                                                                                              فيه: الحث على الصدقة، في وجوه الخير.

                                                                                                                              وأنه: لا يقتصر على نوع من وجوه البر، بل ينفق في كل وجه من وجوه الخير يحضر.

                                                                                                                              وفيه: جواز الحلف بغير تحليف. بل هو مستحب إذا كان فيه مصلحة، كتوكيد أمر وتحقيقه، وفي المجاز عنه.

                                                                                                                              وقد كثرت الأحاديث الصحيحة، في خلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، في هذا النوع: لهذا المعنى.

                                                                                                                              وأما إشارته صلى الله عليه وآله وسلم إلى: (قدام، ووراء، والجانبين) : فمعناها: أنه ينبغي: أن ينفق متى حضر أمر مهم.

                                                                                                                              (ما من صاحب إبل، ولا بقر، ولا غنم: لا يؤدي زكاتها، إلا جاءت يوم القيامة أعظم ما كانت وأسمنه. تنطحه) .

                                                                                                                              بكسر الطاء وفتحها. لغتان. حكاهما الجوهري وغيره. والكسر أفصح. وهو المعروف في الرواية.

                                                                                                                              (بقرونها، وتطؤه بأظلافها) .

                                                                                                                              "الظلف": للبقر والغنم والظباء: وهو المنشق من القوائم. "والخف": للبعير. "والقدم ": للآدمي. "والحافر": للفرس، والبغل، والحمار.

                                                                                                                              [ ص: 458 ] وهذا النطح، والوطوء: للزيادة في العقاب، والتكثير في العذاب، على المنع من تأدية الزكاة الواجبة. أعاذنا الله تعالى من ذلك.

                                                                                                                              (كلما نفدت) بالدال. وروي بالذال. وكلاهما صحيح.

                                                                                                                              (أخراها، عادت عليه أولاها، حتى يقضى بين الناس) .

                                                                                                                              وهذا الحديث: رواه مسلم عن جابر وغيره، بطرق وألفاظ، مختصرا ومطولا.

                                                                                                                              وفيها: بيان عقوبة غير المزكي. وهذا يدل على إيجاب الزكاة.




                                                                                                                              الخدمات العلمية