الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          باب الحاء والجيم وما يثلثهما

                                                          ( حجر ) الحاء والجيم والراء أصل واحد مطرد ، وهو المنع والإحاطة على الشيء . فالحجر حجر الإنسان ، وقد تكسر حاؤه . ويقال حجر الحاكم على السفيه حجرا ; وذلك منعه إياه من التصرف في ماله . والعقل يسمى حجرا لأنه يمنع من إتيان ما لا ينبغي ، كما سمي عقلا تشبيها بالعقال . قال الله تعالى : هل في ذلك قسم لذي حجر . وحجر : قصبة اليمامة .

                                                          والحجر معروف ، وأحسب أن الباب كله محمول عليه ومأخوذ منه ، لشدته وصلابته . وقياس الجمع في أدنى العدد أحجار ، والحجارة أيضا له قياس ، كما يقال : جمل وجمالة ، وهو قليل . والحجر : الفرس الأنثى ; وهي تصان ويضن بها . والحاجر : ما يمسك الماء من مكان منهبط ، وجمعه حجران . وحجرة القوم : ناحية دارهم وهي حماهم . والحجرة من الأبنية معروفة . وحجر القمر ، إذا صارت حوله دارة .

                                                          ومما يشتق من هذا قولهم : حجرت عين البعير ، إذا وسمت حولها بميسم مستدير . ومحجر العين : ما يدور بها ، وهو الذي يظهر من النقاب . والحجر : حطيم [ ص: 139 ] مكة ، هو المدار بالبيت . والحجر : القرابة . والقياس فيها قياس الباب ; لأنها ذمام وذمار يحمى ويحفظ . قال :


                                                          يريدون أن يقصوه عني وإنه لذو حسب دان إلي وذو حجر

                                                          والحجر : الحرام . وكان الرجل يلقى الرجل يخافه في الأشهر الحرم ، فيقول : حجرا ; أي حراما ; ومعناه حرام عليك أن تنالني بمكروه ، فإذا كان يوم القيامة رأى المشركون ملائكة العذاب فيقولون : حجرا محجورا ، فظنوا أن ذلك ينفعهم في الآخرة كما كان ينفعهم في الدنيا . ومن ذلك قول القائل :


                                                          حتى دعونا بأرحام لهم سلفت     وقال قائلهم إني بحاجور

                                                          والمحاجر : الحدائق : واحدها محجر . قال لبيد :


                                                          تروي المحاجر بازل علكوم



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية