الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب السعوط بالقسط الهندي والبحري وهو الكست مثل الكافور والقافور مثل كشطت وقشطت نزعت وقرأ عبد الله قشطت

                                                                                                                                                                                                        5368 حدثنا صدقة بن الفضل أخبرنا ابن عيينة قال سمعت الزهري عن عبيد الله عن أم قيس بنت محصن قالت سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول عليكم بهذا العود الهندي فإن فيه سبعة أشفية يستعط به من العذرة ويلد به من ذات الجنب ودخلت على النبي صلى الله عليه وسلم بابن لي لم يأكل الطعام فبال عليه فدعا بماء فرش عليه

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باب السعوط بالقسط الهندي والبحري ) قال أبو بكر بن العربي القسط نوعان : هندي وهو أسود ، وبحري وهو أبيض ، والهندي أشدهما حرارة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وهو الكست ) يعني أنه يقال بالقاف وبالكاف ، ويقال بالطاء وبالمثناة ، وذلك لقرب كل من المخرجين بالآخر ، وعلى هذا أيضا مع القاف بالمثناة ومع الكاف بالطاء ، وقد تقدم في حديث أم عطية عند الطهر من الحيض " نبذة من الكست " وفي رواية عنها " من قسط " ومضى للمصنف في ذلك كلام في " باب القسط للحادة " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( مثل الكافور والقافور ) تقدم هذا في " باب القسط للحادة " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ومثل كشطت وقشطت ، وقرأ عبد الله قشطت ) زاد النسفي " أي نزعت " يريد أن عبد الله بن مسعود قرأ وإذا السماء قشطت بالقاف ولم تشتهر هذه القراءة ، وقد وجدت سلف البخاري في هذا : فقرأت في كتاب " معاني القرآن للفراء " في قوله - تعالى - : وإذا السماء كشطت قال يعني نزعت ، وفي قراءة عبد الله قشطت بالقاف والمعنى واحد ، والعرب تقول : الكافور والقافور والقشط والكشط وإذا تقارب الحرفان في المخرج تعاقبا في المخرج هكذا رأيته في نسخة جيدة منه " الكشط " بالكاف والطاء والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن عبيد الله ) سيأتي بلفظ " أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن أم قيس بنت محصن ) وقع عند مسلم التصريح بسماعه له منها ، وسيأتي أيضا قريبا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عليكم بهذا العود الهندي ) كذا وقع هنا مختصرا ، ويأتي بعد أبواب في أوله قصة " أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - بابن لي وقد أعلقت عليه من العذرة فقال : عليكن بهذا العود الهندي . وأخرج أحمد وأصحاب السنن من حديث جابر مرفوعا " أيما امرأة أصاب ولدها عذرة أو وجع في رأسه فلتأخذ قسطا هنديا فتحكه بماء ثم تسعطه إياه وفي حديث أنس الآتي بعد بابين " إن أمثل ما تداويتم به الحجامة والقسط البحري " وهو محمول على أنه وصف لكل ما يلائمه ، فحيث وصف الهندي كان لاحتياج في المعالجة إلى دواء شديد الحرارة ، وحيث وصف البحري كان دون ذلك في الحرارة ، لأن الهندي كما تقدم أشد حرارة من البحري . وقال ابن سينا : القسط حار في الثالثة يابس في الثانية .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فإن فيه سبعة أشفية ) جمع شفاء كدواء وأدوية .

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 157 ] قوله : ( يستعط به من العذرة ، ويلد به من ذات الجنب ) كذا وقع الاقتصار في الحديث من السبعة على اثنين ، فإما أن يكون ذكر السبعة فاختصره الراوي أو اقتصر على الاثنين لوجودهما حينئذ دون غيرهما ، وسيأتي ما يقوي الاحتمال الثاني . وقد ذكر الأطباء من منافع القسط أنه يدر الطمث والبول ويقتل ديدان الأمعاء ويدفع السم وحمى الربع والورد ويسخن المعدة ويحرك شهوة الجماع ويذهب الكلف طلاء ، فذكروا أكثر من سبعة ، وأجاب بعض الشراح بأن السبعة علمت بالوحي وما زاد عليها بالتجربة ، فاقتصر على ما هو بالوحي لتحققه وقيل ذكر ما يحتاج إليه دون غيره لأنه لم يبعث بتفاصيل ذلك قلت : ويحتمل أن تكون السبعة أصول صفة التداوي بها ; لأنها إما طلاء أو شرب أو تكميد أو تنطيل أو تبخير أو سعوط أو لدود ; فالطلاء يدخل في المراهم ويحلى بالزيت ويلطخ ، وكذا التكميد ، والشرب يسحق ويجعل في عسل أو ماء أو غيرهما ، وكذا التنطيل ، والسعوط يسحق في زيت ويقطر في الأنف ، وكذا الدهن ، والتبخير واضح ، وتحت كل واحدة من السبعة منافع لأدواء مختلفة ولا يستغرب ذلك ممن أوتي جوامع الكلم . وأما العذرة فهي بضم المهملة وسكون المعجمة وجع في الحلق يعتري الصبيان غالبا ، وقيل هي قرحة تخرج بين الأذن والحلق أو في الخرم الذي بين الأنف والحلق ، قيل سميت بذلك لأنها تخرج غالبا عند طلوع العذرة ; وهي خمسة كواكب تحت الشعرى العبور ، ويقال لها أيضا العذارى ، وطلوعها يقع وسط الحر . وقد استشكل معالجتها بالقسط مع كونه حارا والعذرة إنما تعرض في زمن الحر بالصبيان وأمزجتهم حارة ولا سيما وقطر الحجاز حار ، وأجيب بأن مادة العذرة دم يغلب عليه البلغم ، وفي القسط تخفيف للرطوبة . وقد يكون نفعه في هذا الدواء بالخاصية ، وأيضا فالأدوية الحارة قد تنفع في الأمراض الحارة بالعرض كثيرا ، بل وبالذات أيضا . وقد ذكر ابن سينا في معالجة سعوط اللهاة القسط مع الشب اليماني وغيره . على أننا لو لم نجد شيئا من التوجيهات لكان أمر المعجزة خارجا عن القواعد الطبية . وسيأتي بيان ذات الجنب في " باب اللدود " وفيه شرح بقية حديث أم قيس هذا . وقولها " ودخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - بابن لي " تقدم مطولا في الطهارة ، وهو حديث آخر لأم قيس وقع ذكره هنا استطرادا ، والله أعلم .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية