الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          [ ص: 513 ] فصل ويصحان أي الحج والعمرة ( من صغير ) ذكر أو أنثى ولو ولد لحظة لحديث ابن عباس { أن امرأة رفعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم صبيا فقالت : ألهذا حج ؟ قال : نعم ولك أجر } رواه مسلم ( ويحرم ولي ) في مال عمن لا يميز لتعذر النية منه وولي المال : الأب ووصيه والحاكم وظاهره : لا يصح من غيرهم بلا إذنهم قلت : إن لم يكن ولي فمن يلي الصغير يعقده له ، كما ذكره في الإقناع وغيره في قبول زكاة وهبة ومعنى إحرامه عنه : أن يعقد له الإحرام فيصير الصغير محرما فيصح ( ولو ) كان الولي ( محرما أو لم يحج ) الولي ، كعقد النكاح له ويقع لازما وحكمه كالمكلف نصا .

                                                                          ( و ) يحرم ( مميز بإذنه ) أي الولي ( عن نفسه ) لأنه يصح وضوءه فيصح إحرامه كالبالغ ولا يحرم عنه وليه لعدم الدليل وحكمه حكمه في الضمان

                                                                          ( و ) يجتنب الطيب وجوبا و ( يفعل ولي ) عن مميز وغيره ( ما يعجزهما ) من أفعال حج وعمرة روي عن ابن عمر في الرمي وعن أبي بكر أنه طاف بابن الزبير في خرقة رواهما الأثرم وعن جابر { حججنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ومعنا النساء والصبيان ، فلبينا عن الصبيان ورمينا عنهم } رواه أحمد وابن ماجه وكانت عائشة تجرد الصبيان للإحرام ( لكن لا يبدأ ) ولي ( في رمي ) جمرات ( إلا بنفسه ) كنيابة حج فإن رمى عن موليه وقع عن نفسه إن كان محرما بفرضه ( ولا يعتد برمي حلال ) لا عن نفسه ولا غيره وإن أمكن مناولة صغير نائبا الحصا ناوله وإلا استحب وضعه في كفه ، ثم أخذ منه ويرمي عنه وإن وضعها نائب في يد صغير ورمى بها فكانت يده كالآلة ، فحسن

                                                                          ( ويطاف به ) أي الصغير ( لعجزه ) عن طواف نفسه ( راكبا أو محمولا ) ككبير عاجز ( ويعتبر ) لطواف صغير ( نية طائف به ) لتعذر النية منه قلت : إن لم يكن مميزا ( وكونه ) أي الطائف به ( يصح أن يعقد له الإحرام ) بأن يكون وليه أو نائبه لتتأتى نيته عنه و ( لا ) يعتبر ( كونه ) أي الطائف به ( طائفا عن نفسه ولا ) كونه ( محرما ) لوجود الطواف من الصغير ، كمحمول مريض ، فلم يوجد من طائف به إلا النية ، بخلاف الرمي ( وكفارة [ ص: 514 ] حج ) صغير في مال وليه ، إن أنشأ السفر به تمرينا على الطاعة ( وما زاد ) من نفقة السفر ( على نفقة الحضر في مال وليه إن أنشأ ) وليه ( السفر به ) أي الصغير ( تمرينا ) له ( على الطاعة ) لأنه الذي أدخله فيه ، ولو تركه لم يتضرر بتركه ( وإلا ) ينشئ السفر به تمرينا على الطاعة بل سافر به لتجارة أو خدمة أو ليستوطن مكة ، أو يقيم بها لنحو علم مما يباح السفر له في وقت الحج وغيره ، ومع الإحرام وعدمه ( فلا ) يجب ذلك على الولي بل من مال الصغير لأنه لمصلحة

                                                                          ( وعمد صغير ) خطأ وعمد ( مجنون ) لمحظور ( خطأ لا يجب فيه إلا ما يجب في خطإ مكلف ، أو في نسيانه ) لعدم اعتبار قصده قال المجد : أو فعله به الولي لمصلحته ، كتغطية رأسه لبرد ، أو تطييبه لمرض ، فأما إن فعله الولي لا لعذر فكفارته عليه ، كحلق رأس محرم بغير إذنه ( وإن وجب في كفارة على ولي ) بأن أنشأ السفر به تمرينا على الطاعة ( صوم صام ) الولي ( عنه ) لو جوبها عليه ابتداء كصومه عن نفسه وعلم منه أن الكفارة لو لم تجب على الولي ودخلها صوم لم يصم الولي لأن الواجب بأصل الشرع لا تدخله النيابة ( ووطؤه ) أي الصغير ولو عمدا ( ك ) وطء ( بالغ ناسيا ، يمضي في فاسده ويقضيه ) أي الحج ( إذا بلغ ) كالبالغ ولا يصح قضاؤه قبله نصا لعدم تكليفه ، ونظيره : نحو وطء مجنون يوجب الغسل عليه ، لوجود سببه ولا يصح منه إلا بعد إفاقته

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية