الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون

                                                                                                                                                                                                                                        (51) أي: إنما كان قول المؤمنين حقيقة، الذين صدقوا إيمانهم بأعمالهم حين يدعون إلى الله ورسوله ليحكم بينهم ، سواء وافق أهواءهم أو خالفها، أن يقولوا سمعنا وأطعنا أي: سمعنا حكم الله ورسوله، وأجبنا من دعانا إليه، وأطعنا طاعة تامة سالمة من الحرج، وأولئك هم المفلحون حصر الفلاح فيهم؛ لأن الفلاح الفوز بالمطلوب، والنجاة من المكروه ، ولا يفلح إلا من حكم الله ورسوله، وأطاع الله ورسوله. (52) ولما ذكر فضل الطاعة في الحكم خصوصا، ذكر فضلها عموما في جميع الأحوال، فقال: ومن يطع الله ورسوله فيصدق خبرهما ويمتثل أمرهما، ويخش الله أي: يخافه خوفا مقرونا بمعرفة، فيترك ما نهى عنه، ويكف نفسه عما تهوى، ولهذا قال: ويتقه بترك المحظور؛ لأن التقوى -عند الإطلاق- يدخل فيها فعل المأمور، وترك المنهي عنه، وعند اقترانها بالبر أو الطاعة - كما في هذا الموضع - تفسر بتوقي عذاب الله، بترك معاصيه، فأولئك الذين جمعوا بين طاعة الله وطاعة رسوله وخشية الله وتقواه هم الفائزون بنجاتهم من العذاب؛ لتركهم أسبابه، ووصولهم إلى الثواب؛ لفعلهم أسبابه، فالفوز محصور فيهم، وأما [ ص: 1176 ] من لم يتصف بوصفهم فإنه يفوته من الفوز بحسب ما قصر عنه من هذه الأوصاف الحميدة. واشتملت هذه الآية على الحق المشترك بين الله وبين رسوله، وهو الطاعة المستلزمة للإيمان، والحق المختص بالله، وهو الخشية والتقوى، وبقي الحق الثالث المختص بالرسول، وهو التعزير والتوقير، كما جمع بين الحقوق الثلاثة في سورة الفتح في قوله: لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية