الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
[ ص: 231 ] باب الأيمان ( قال رحمه الله ) ولو nindex.php?page=treesubj&link=16535_26602حلف لا يلبس من ثياب فلان شيئا وليس لفلان يومئذ ثوب ثم اشترى ثوبا فلبسه الحالف حنث ; لأنه عقد يمينه على لبس ثوب مضاف إلى فلان فيعتبر وجود الإضافة عند اللبس ، كما لو حلف لا يأكل طعام فلان بشرط وجود الإضافة عند الأكل ، وهذا ; لأن الذي دعاه إلى اليمين ليس معنى في الثوب والطعام بل لمعنى لحقه من جهة فلان وبذلك المعنى إنما يمتنع من اتحاد الفعل فيه لكونه مضافا إلى فلان وقت اتحاد الفعل لا وقت اليمين وفرق nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف رحمه الله بين هذا وبين الدار وقال : الدار لا يستحدث الملك فيها في كل وقت فلا يتناول يمينه إلا ما كان موجودا في ملك فلان عند يمينه فأما الثوب والطعام فيستحدث الملك فيهما في كل وقت ، وإنما يتناول يمينه ما كان في ملك فلان عند وجود الفعل .
ولو nindex.php?page=treesubj&link=26602_16535حلف لا يكسو فلانا فوهب له ثوبا صحيحا وأمره أن يصنع منه قميصا حنث ; لأنه قد كساه فهذا اللفظ إنما يتناول تمليك الثوب منه لا إلباس الثوب إياه .
( ألا ترى ) أن كفارة اليمين تتأدى بكسوة عشرة مساكين ، وذلك بالتمليك دون الإلباس ويقال في العادة كسا الأمير فلانا إذا ملكه سواء لبسه فلان أو لم يلبسه ، فقد يطلق اسم الكسوة على ما لا يتأتى فيه اللبس فعرفنا أن المراد به التمليك ، ولو nindex.php?page=treesubj&link=16535_16530حلف لا يلبس قميصا لفلان فلبس قميصا لعبده لم يحنث في قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف قال الحاكم رحمه الله : يحنث ، وهذا خلاف ما مضى في كتاب الأيمان أن على قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف رحمهما الله إذا لم يكن على العبد دين لم يحنث إلا أن ينويه وعلى قول nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد يحنث قال : ولكن عندي أن الجواب الذي ذكر في الكتاب فيما إذا كان على العبد دين مستغرق ونواه ، فإنه لا يحنث عند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ; لأنه لا يملك كسبه ، وعند nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف يحنث ; لأنه مالك كسبه فأما عند عدم النية أو عند عدم الدين على العبد فلا خلاف عند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف إنه لا يحنث ، وإن nindex.php?page=treesubj&link=16530حلف أنه لا يكسو فلانا فكسا عبده لا يحنث ; لأنه ما ملك الثوب من فلان ، وإنما ملكه عبده ; لأن الملك يقع للمولى على سبيل الخلافة من عبده حكما ، وذلك ليس شرط حنثه ثم هذا على قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله ظاهر ، فإن عنده لو وهب لعبد أخيه يملك الرجوع فيه ، ولم يجعل كهبته لأخيه فكذلك إذا كسا عبد فلان لا يجعل في حكم الحنث كأنه كسا فلانا [ ص: 232 ] وهما يقولان في حكم الرجوع هبته لعبد أخيه كهبته لأخيه لاعتبار أن الخصومة في الرجوع تكون مع المولى ، وهو قريب له فرجوعه يؤدي إلى قطيعة الرحم وهنا شرط حنثه نفس الكسوة لا معنى ينبني عليه ، وقد وجد ذلك مع العبد دون المولى .
( ألا ترى ) أن القبول والرد فيه يعتبر مع العبد دون المولى ؟ وعلى هذا لو nindex.php?page=treesubj&link=16534حلف لا يبيع من فلان شيئا فباع من عبده لم يحنث ، وهذا في البيع أظهر ; لأنه لو باع من وكيل فلان لم يحنث فكيف يحنث إذا باع من عبد فلان والعبد في الشراء يتصرف لنفسه لا لمولاه ، ولو nindex.php?page=treesubj&link=16534حلف لا يبيع هذا الثوب من فلان بثمن فباعه بجارية لم يحنث ; لأن الثمن اسم للنقد الذي يتعين في العقد ، ولأن البيع بثمن لا يتناول بيع المقابضة ، فإن في بيع المقابضة يكون كل واحد منهما بائعا من وجه مشتريا من وجه والبيع بثمن ما يكون بيعا من كل وجه .