الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها والله يحكم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب

                                                                                                                                                                                                أولم يروا أنا نأتي الأرض : أرض الكفر، ننقصها من أطرافها : بما نفتح على المسلمين من بلادهم، فننقص دار الحرب ونزيد في دار الإسلام، وذلك من آيات النصرة والغلبة ، ونحوه: أفلا يرون أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها [الأنبياء: 44]، أفهم الغالبون [الأنبياء: 44]، سنريهم آياتنا في الآفاق [فصلت: 53]، والمعنى: عليك بالبلاغ الذي حملته ; ولا تهتم بما وراء ذلك، فنحن نكفيكه ونتم ما وعدناك من الظفر، ولا يضجرك تأخره; فإن ذلك لما نعلم من المصالح التي لا تعلمها ثم طيب نفسه ونفس عنها بما ذكر من طلوع تباشير الظفر، وقرئ "ننقصها" بالتشديد، لا معقب لحكمه : لا راد لحكمه، والمعقب: الذي يكر على الشيء فيبطله، وحقيقته: الذي يعقبه، أي: يقفيه بالرد والإبطال، ومنه قيل لصاحب الحق: معقب ; لأنه يقفي غريمه بالاقتضاء والطلب، قال لبيد [من الطويل]:


                                                                                                                                                                                                ................................. ... طلب المعقب حقه المظلوم



                                                                                                                                                                                                [ ص: 358 ] والمعنى: أنه حكم للإسلام بالغلبة والإقبال، وعلى الكفر بالإدبار والانتكاس، وهو سريع الحساب : فعما قليل يحاسبهم في الآخرة بعد عذاب الدنيا.

                                                                                                                                                                                                فإن قلت: ما محل قوله: "لا معقب لحكمه" ؟

                                                                                                                                                                                                قلت: هو جملة محلها النصب على الحال، كأنه قيل: والله يحكم نافذا حكمه، كما تقول: جاءني زيد لا عمامة على رأسه ولا قلنسوة، تريد حاسرا.

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية