[ ص: 568 ] وَقَالَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ( فَصْلٌ ) فِي الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ : فِي " الزُّهْدِ " و " الْعِبَادَةِ " و " الْوَرَعِ " فِي تَرْكِ الْمُحَرَّمَاتِ وَالشَّهَوَاتِ و " الِاقْتِصَادِ " فِي الْعِبَادَةِ . وَأَنَّ لُزُومَ السُّنَّةِ هُوَ يَحْفَظُ مِنْ شَرِّ النَّفْسِ وَالشَّيْطَانِ بِدُونِ الطُّرُقِ الْمُبْتَدَعَةِ فَإِنَّ أَصْحَابَهَا لَا بُدَّ أَنْ يَقَعُوا فِي الْآصَارِ وَالْأَغْلَالِ وَإِنْ كَانُوا مُتَأَوِّلِينَ فَلَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ اتِّبَاعِ الْهَوَى ; وَلِهَذَا سُمِّيَ أَصْحَابُ الْبِدَعِ أَصْحَابَ الْأَهْوَاءِ ; فَإِنَّ طَرِيقَ السُّنَّةِ عِلْمٌ وَعَدْلٌ وَهُدًى ; وَفِي الْبِدْعَةِ جَهْلٌ وَظُلْمٌ وَفِيهَا اتِّبَاعُ الظَّنِّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ .
و " الرَّسُولُ " مَا ضَلَّ وَمَا غَوَى و " الضَّلَالُ " مَقْرُونٌ بِالْغَيِّ ; فَكُلُّ غَاوٍ ضَالٌّ ; وَالرَّشَدُ ضِدُّ الْغَيِّ وَالْهُدَى ضِدُّ الضَّلَالِ وَهُوَ مُجَانَبَةُ طَرِيقِ الْفُجَّارِ ، وَأَهْلِ الْبِدَعِ كَمَا كَانَ
السَّلَفُ يَنْهَوْنَ عَنْهُمَا . قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=59فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا } .
[ ص: 569 ] و " الْغَيُّ " فِي الْأَصْلِ : مَصْدَرُ غَوَى يَغْوِي غَيًّا ; كَمَا يُقَالُ : لَوَى يَلْوِي لَيًّا . وَهُوَ ضِدُّ الرَّشَدِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=146وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا } .
و " الرُّشْدُ " الْعَمَلُ الَّذِي يَنْفَعُ صَاحِبَهُ وَالْغَيُّ الْعَمَلُ الَّذِي يَضُرُّ صَاحِبَهُ فَعَمَلُ الْخَيْرِ رُشْدٌ وَعَمَلُ الشَّرِّ غَيٌّ ; وَلِهَذَا قَالَتْ الْجِنُّ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=10وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا } فَقَابَلُوا بَيْنَ الشَّرِّ وَبَيْنَ الرَّشَدِ وَقَالَ فِي آخِرِ السُّورَةِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=21قُلْ إنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا } وَمِنْهُ " الرَّشِيدُ " الَّذِي يُسَلَّمُ إلَيْهِ مَالُهُ . وَهُوَ الَّذِي يَصْرِفُ مَالَهُ فِيمَا يَنْفَعُ لَا فِيمَا يَضُرُّ . وَقَالَ الشَّيْطَانُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=82لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=40إلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ } وَهُوَ أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِالشَّرِّ الَّذِي يَضُرُّهُمْ فَيُطِيعُونَهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=22وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=91وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ } إلَى أَنْ قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=94فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=95وَجُنُودُ إبْلِيسَ أَجْمَعُونَ } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=63قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=2مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى } .
ثُمَّ إنَّ " الْغَيَّ " إذَا كَانَ اسْمًا لِعَمَلِ الشَّرِّ الَّذِي يَضُرُّ صَاحِبَهُ فَإِنَّ عَاقِبَةَ الْعَمَلِ أَيْضًا تُسَمَّى غَيًّا كَمَا أَنَّ عَاقِبَةَ الْخَيْرِ تُسَمَّى رُشْدًا كَمَا
[ ص: 570 ] يُسَمَّى عَاقِبَةُ الشَّرِّ شَرًّا وَعَاقِبَةُ الْخَيْرِ خَيْرًا ; وَعَاقِبَةُ الْحَسَنَاتِ حَسَنَاتٍ ; وَعَاقِبَةُ السَّيِّئَاتِ سَيِّئَاتٍ . " فَالْحَسَنَاتُ وَالسَّيِّئَاتُ " فِي كِتَابِ اللَّهِ يُرَادُ بِهَا أَعْمَالُ الْخَيْرِ ، وَأَعْمَالُ الشَّرِّ كَمَا يُرَادُ بِهَا النِّعَمُ وَالْمَصَائِبُ وَالْجَزَاءُ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ فَمَنْ عَمِلَ خَيْرًا وَحَسَنَاتٍ لَقِيَ خَيْرًا وَحَسَنَاتٍ وَمَنْ عَمِلَ شَرًّا وَسَيِّئَاتٍ لَقِيَ شَرًّا وَسَيِّئَاتٍ . كَذَلِكَ مَنْ عَمِلَ غَيًّا لَقِيَ غَيًّا وَتَرْكُ الصَّلَاةِ ، وَاتِّبَاعُ الشَّهَوَاتِ غَيٌّ يَلْقَى صَاحِبُهُ غَيًّا . فَلِهَذَا قَالَ
الزمخشري : كُلُّ شَرٍّ عِنْدَ
الْعَرَبِ غَيٌّ وَكُلُّ خَيْرٍ رَشَادٌ .
كَمَا قِيلَ :
فَمَنْ يَلْقَ خَيْرًا يَحْمَدُ النَّاسُ أَمْرَهُ وَمَنْ يَغْوِ لَا يَعْدَمْ عَلَى الْغَيِّ لَائِمَا
وَقَالَ
الزَّجَّاجُ : جَزَاؤُهُ غَيٌّ ; لِقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=68يَلْقَ أَثَامًا } أَيْ مُجَازَاةَ آثَامٍ . وَفِي الْحَدِيثِ الْمَأْثُورِ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596951إنَّ غَيًّا وَادٍ فِي جَهَنَّمَ تَسْتَعِيذُ مِنْهُ أَوْدِيَتُهَا } وَهَذَا تَعْبِيرٌ عَنْ مُلَاقَاةِ الشَّرِّ . وَقَالَ سُبْحَانَهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=59أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ } فَإِنَّ الصَّلَاةَ فِيهَا إرَادَةُ وَجْهِ اللَّهِ . كَمَا قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=52وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ } أَيْ يُصَلُّونَ صَلَاةَ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ . وَالدَّاعِي يَقْصِدُ رَبَّهُ وَيُرِيدُهُ فَتَكُونُ الْقُلُوبُ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مُرِيدَةً لِرَبِّهَا مُحِبَّةً لَهُ .
[ ص: 571 ] ( وَاتِّبَاعُ الشَّهَوَاتِ هُوَ اتِّبَاعُ مَا تَشْتَهِيهِ النَّفْسُ ; فَإِنَّ " الشَّهَوَاتِ " جَمْعُ شَهْوَةٍ وَالشَّهْوَةُ هِيَ فِي الْأَصْلِ : مَصْدَرٌ وَيُسَمَّى الْمُشْتَهَى شَهْوَةً . تَسْمِيَةٌ لِلْمَفْعُولِ بِاسْمِ الْمَصْدَرِ .
قَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=27وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا } فَجَعَلَ التَّوْبَةَ فِي مُقَابَلَةِ اتِّبَاعِ الشَّهَوَاتِ فَإِنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْنَا : أَيْ فَاَللَّهُ يُحِبُّ لَنَا ذَلِكَ وَيَرْضَاهُ وَيَأْمُرُ بِهِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=27وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ } وَهُمْ الْغَاوُونَ {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=27أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا } يَعْدِلُ بِكُمْ عَنْ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ إلَى اتِّبَاعِ الشَّهَوَاتِ عُدُولًا عَظِيمًا فَإِنَّ أَصْلَ " الْمَيْلِ " الْعُدُولُ فَلَا بُدَّ مِنْهُ لِلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596952اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصَوْا وَاعْلَمُوا أَنَّ خَيْرَ أَعْمَالِكُمْ الصَّلَاةُ وَلَا يُحَافِظُ عَلَى الْوُضُوءِ إلَّا مُؤْمِنٌ } رَوَاهُ
أَحْمَد وَابْنُ ماجه مِنْ حَدِيثِ
ثوبان . فَأَخْبَرُ أَنَّا لَا نُطِيقُ الِاسْتِقَامَةَ أَوْ ثَوَابَهَا إذَا اسْتَقَمْنَا .
وَقَالَ {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=129وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ } فَقَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=129كُلَّ الْمَيْلِ } أَيْ يُرِيدُ نِهَايَةَ الْمَيْلِ يُرِيدُ الزَّيْغَ عَنْ الطَّرِيقِ وَالْعُدُولَ عَنْ سَوَاءِ الصِّرَاطِ إلَى نِهَايَةِ الشَّرِّ ; بَلْ إذَا بُلِيت بِذَلِكَ فَتَوَسَّطْ وَعُدْ إلَى الطَّرِيقِ بِالتَّوْبَةِ . كَمَا فِي الْحَدِيثِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596953مَيْلُ الْمُؤْمِنِ كَمَيْلِ الْفَرَسِ فِي آخِيَتِهِ يَحُولُ ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى آخِيَتِهِ . كَذَلِكَ الْمُؤْمِنُ يَحُولُ ثُمَّ يَرْجِعُ [ ص: 572 ] إلَى رَبِّهِ } قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=133وَسَارِعُوا إلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ } إلَى قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=136وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ } فَلَمْ يَقُلْ لَا يَظْلِمُونَ وَلَا يُذْنِبُونَ . بَلْ قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=135إذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ } أَيْ بِذَنْبِ آخَرَ غَيْرِ الْفَاحِشَةِ ; فَعَطَفَ الْعَامَّ عَلَى الْخَاصِّ .
كَمَا قَالَ
مُوسَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=44رَبِّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي } وَقَالَتْ
بلقيس : {
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=44رَبِّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي } وَقَالَ تَعَالَى عُمُومًا عَنْ أَهْلِ الْقُرَى الْمُهْلَكَةِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=101وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ } فَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بِارْتِكَابِهِمْ مَا نُهُوا عَنْهُ ; وَبِعِصْيَانِهِمْ لِأَنْبِيَائِهِمْ ; وَبِتَرْكِهِمْ التَّوْبَةَ إلَى رَبِّهِمْ . وقَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=135ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ } وَلِهَذَا قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=27وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ } ثُمَّ قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=28يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا } .
قَالَ
مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ : يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ الزِّنَا وَقَالَ
ابْنُ زَيْدٍ : هُمْ أَهْلُ الْبَاطِلِ . وَقَالَ
السدي : هُمْ
الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَالْجَمِيعُ حَقٌّ ; فَإِنَّهُمْ قَدْ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ مَعَ الْكُفْرِ وَقَدْ يَكُونُ مَعَ الِاعْتِرَافِ بِأَنَّهَا مَعْصِيَةٌ . ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=28وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا } وَسِيَاقُ الْكَلَامِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ ضَعِيفٌ عَنْ تَرْكِ الشَّهَوَاتِ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ شَهْوَةٍ مُبَاحَةٍ يَسْتَغْنِي بِهَا عَنْ الْمُحَرَّمَةِ ; وَلِهَذَا قَالَ
طَاوُوسٌ وَمُقَاتِلٌ : ضَعِيفٌ فِي قِلَّةِ الصَّبْرِ عَنْ النِّسَاءِ .
وَقَالَ
الزَّجَّاجُ وَابْنُ كيسان : ضَعِيفُ الْعَزْمِ عَنْ قَهْرِ الْهَوَى . وَقِيلَ : ضَعِيفٌ فِي أَصْلِ الْخِلْقَةِ ; لِأَنَّهُ خُلِقَ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ يُرْوَى ذَلِكَ
[ ص: 573 ] عَنْ
الْحَسَنِ لَكِنْ لَا بُدَّ أَنْ يُوجَدَ مَعَ ذَلِكَ أَنَّهُ ضَعِيفٌ عَنْ الصَّبْرِ لِيُنَاسِبَ مَا ذُكِرَ فِي الْآيَةِ فَإِنَّهُ قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=28يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ } وَهُوَ تَسْهِيلُ التَّكْلِيفِ بِأَنْ يُبِيحَ لَكُمْ مَا تَحْتَاجُونَ إلَيْهِ وَلَا تَصْبِرُوا عَنْهُ . كَمَا أَبَاحَ نِكَاحَ الْفَتَيَاتِ ; وَقَدْ قَالَ قَبْلَ ذَلِكَ {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=25لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } .
فَهُوَ سُبْحَانَهُ مَعَ إبَاحَتِهِ
nindex.php?page=treesubj&link=25800نِكَاحَ الْإِمَاءِ عِنْدَ عَدَمِ الطَّوْلِ وَخَشْيَةِ الْعَنَتِ قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=25وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ } فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ الصَّبْرُ مَعَ خَشْيَةِ الْعَنَتِ وَأَنَّهُ لَيْسَ النِّكَاحُ كَإِبَاحَةِ الْمَيْتَةِ عِنْدَ الْمَخْمَصَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُمْكِنُ الصَّبْرُ عَنْهُ . وَكَذَلِكَ مَنْ أَبَاحَ "
nindex.php?page=treesubj&link=24135_19422_19460_19461الِاسْتِمْنَاءَ " عِنْدَ الضَّرُورَةِ فَالصَّبْرُ عَنْ الِاسْتِمْنَاءِ أَفْضَلُ .
فَقَدْ رُوِيَ عَنْ
ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ نِكَاحَ الْإِمَاءِ خَيْرٌ مِنْهُ وَهُوَ خَيْرٌ مِنْ الزِّنَا فَإِذَا كَانَ الصَّبْرُ عَنْ نِكَاحِ الْإِمَاءِ أَفْضَلَ فَعَنْ الِاسْتِمْنَاءِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى أَفْضَلُ . لَا سِيَّمَا وَكَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَوْ أَكْثَرُهُمْ يَجْزِمُونَ بِتَحْرِيمِهِ مُطْلَقًا وَهُوَ أَحَدُ الْأَقْوَالِ فِي مَذْهَبِ
أَحْمَد . وَاخْتَارَهُ
Multitarajem.php?tid=13371,13372ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْمُفْرَدَاتِ ، وَالْمَشْهُورُ عَنْهُ - يَعْنِي عَنْ
أَحْمَد - أَنَّهُ مُحَرَّمٌ إلَّا إذَا خَشِيَ الْعَنَتَ .
وَالثَّالِثُ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ إلَّا إذَا خَشِيَ الْعَنَتَ . فَإِذَا كَانَ اللَّهُ قَدْ قَالَ فِي نِكَاحِ الْإِمَاءِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=25وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ } فَفِيهِ أَوْلَى . وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّبْرَ عَنْ كِلَيْهِمَا مُمْكِنٌ . فَإِذَا كَانَ قَدْ أَبَاحَ مَا يُمْكِنُ الصَّبْرُ عَنْهُ فَذَلِكَ لِتَسْهِيلِ التَّكْلِيفِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=28يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا } .
و " الِاسْتِمْنَاءُ " لَا يُبَاحُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ سَلَفًا وَخَلَفًا سَوَاءٌ خُشِيَ الْعَنَتُ أَوْ لَمْ يُخْشَ ذَلِكَ . وَكَلَامُ
ابْنِ عَبَّاسٍ وَمَا رُوِيَ عَنْ
أَحْمَد فِيهِ إنَّمَا هُوَ لِمَنْ خَشِيَ " الْعَنَتَ " وَهُوَ الزِّنَا وَاللِّوَاطُ خَشْيَةً شَدِيدَةً خَافَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ الْوُقُوعِ فِي ذَلِكَ فَأُبِيحَ لَهُ ذَلِكَ لِتَكْسِيرِ شِدَّةِ عَنَتِهِ وَشَهْوَتِهِ . وَأَمَّا مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ تَلَذُّذًا أَوْ تَذَكُّرًا أَوْ عَادَةً ; بِأَنْ يَتَذَكَّرَ فِي حَالِ اسْتِمْنَائِهِ صُورَةً كَأَنَّهُ يُجَامِعُهَا فَهَذَا كُلُّهُ مُحَرَّمٌ لَا يَقُولُ بِهِ
أَحْمَد وَلَا غَيْرُهُ وَقَدْ أَوْجَبَ فِيهِ بَعْضُهُمْ الْحَدَّ ، وَالصَّبْرُ عَنْ هَذَا مِنْ [ الْوَاجِبَاتِ لَا مِنْ ] الْمُسْتَحَبَّاتِ .