الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 189 ] 106 - باب بيان مشكل ما كان من رسول الله عليه السلام فيما بين سجدتيه في صلاته هل هو ذكر الله تعالى أو سكوت بلا ذكر ؟

712 - حدثنا أبو جعفر محمد بن إسماعيل بن سالم الصائغ ، حدثنا يحيى بن أبي بكير قاضي كرمان ، حدثنا شعبة قال : عمرو بن مرة أنبأني قال : سمعت أبا حمزة رجلا من الأنصار يحدث عن رجل من بني عبس ، عن حذيفة أنه انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي بالليل تطوعا فقال : الله أكبر ذو الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة ، ثم قرأ البقرة ، ثم ركع فكان ركوعه نحوا من قيامه ، وكان يقول في ركوعه : سبحان ربي العظيم ، ثم رفع رأسه فقام قدر ما ركع فكان يقول : لربي الحمد ، لربي الحمد ، ثم سجد فكان نحوا من قيامه يقول : سبحان ربي الأعلى ، وبين السجدتين نحو من سجوده يقول : رب اغفر لي ، رب اغفر لي ، فصلى أربع ركعات قرأ فيهن البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام .

[ ص: 190 ]

713 - وبه ، حدثنا شعبة ، عن الأعمش ، عن سعد بن عبيدة ، عن المستورد بن الأحنف ، عن صلة بن زفر ، عن حذيفة مثله ، وقال : ما مر بآية رحمة إلا وقف وسأل ربه عز وجل ، وما مر بآية عذاب إلا وقف وتعوذ .

714 - حدثنا سليمان بن شعيب ، حدثنا عبد الرحمن بن زياد ، حدثنا شعبة ... ثم ذكر بإسناده مثله .

ففي هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول فيما بين سجدتيه في كل ركعة من ركعات صلاته تلك : رب اغفر لي ، رب اغفر لي . ولا نعلم عن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يفعل ذلك في صلاته غير علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فإنه قد روي عنه أنه كان يفعل ذلك فيها .

حدثنا الكيساني ، حدثنا عبد الرحمن بن زياد ، حدثنا زهير بن [ ص: 191 ] معاوية ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن علي بذلك .

ولا نعلم أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سواه ولا من تابعيهم ، ولا ممن بعد تابعيهم إلى يومنا هذا ، ذهب إلى ذلك غير بعض من كان ينتحل الحديث فإنه ذهب إلى ذلك وقال به ، وهذا عندنا من قوله حسن واستعماله إحياء لسنة من سنن رسول الله عليه السلام وإليه نذهب وإياه نستعمل ، وقد وجدنا القياس يشده ، وذلك أنا رأينا الصلاة مبنية على أقسام منها التكبير الذي يدخل به فيها ، ومنها القيام الذي يتلوه منها ، وفيه ذكر وهو الاستفتاح وما يقرأ بعده من القرآن فيه ، ثم يتلو ذلك الركوع وفيه ذكر وهو التسبيح ثم يتلوه رفع من الركوع وفي ذلك الرفع ذكر وهو سمع الله لمن حمده وما سوى ذلك مما يقوله بعضهم من الأئمة من " ربنا ولك الحمد " ولا يقوله بقيتهم ، ثم يتلوه سجود فيه ذكر وهو التسبيح ، ثم يتلوه قعدة بين السجدتين وهو التي فيها الذي رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما كان يقوله فيها من سؤاله ربه عز وجل الغفران له مرتين ، ثم يتلوه جلوس فيه ذكر وهو التشهد وما يكون بعده في الموضع الذي يكون فيه من الصلاة على رسول الله عليه السلام ، ومن الدعاء الذي يدعى به هناك ، فكانت أقسام الصلاة كلها مستعمل فيها ذكر الله تعالى غير خالية من ذلك غير القعدة بين السجدتين التي ذكرنا ، فكان القياس على ما وصفنا أن يكون حكم ذلك القسم أيضا من الصلاة كحكم غيره من أقسامها ، وأن يكون فيه ذكر لله تعالى كما كان في غيره من أقسامها ، وبالله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية