الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ذكر ما يجوز من المشي والعمل في صلاة التطوع

                                                                                                          601 حدثنا أبو سلمة يحيى بن خلف حدثنا بشر بن المفضل عن برد بن سنان عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت جئت ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في البيت والباب عليه مغلق فمشى حتى فتح لي ثم رجع إلى مكانه ووصفت الباب في القبلة قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( عن برد ) بضم الموحدة وسكون الراء ( بن سنان ) بكسر مهملة وخفة نون أولى الدمشقي نزيل البصرة مولى قريش ، صدوق رمي بالقدر . كذا في التقريب وقال في الخلاصة : وثقه ابن معين وأبو حاتم والنسائي .

                                                                                                          قوله : ( يصلي في البيت ) وفي رواية النسائي يصلي تطوعا ( والباب عليه مغلق ) فيه أن المستحب لمن صلى في بيت بابه إلى القبلة أن يغلق الباب عليه ليكون سترة للمار بين يديه وليكون أستر . وفي رواية أبي داود : فجئت فاستفتحت ( فمشى حتى فتح لي ) قال ابن رسلان : هذا المشي محمول على أنه مشى خطوة أو خطوتين أو مشى أكثر من ذلك متفرقا .

                                                                                                          قال الشوكاني : وهو من التقييد بالمذهب ولا يخفى فساده ( ثم رجع إلى مكانه ) وفي رواية أبي داود : إلى مصلاه أي : رجع إلى مكانه على عقبيه ( ووصفت الباب في القبلة ) أي ذكرت عائشة أن الباب كان إلى القبلة ؛ أي فلم يتحول -صلى الله عليه وسلم- عنها عند مجيئه إليه ، ويكون رجوعه إلى مصلاه على عقبيه إلى خلف . قال الأشرف : هذا قطع وهم من يتوهم أن هذا الفعل يستلزم ترك استقبال القبلة ولعل تلك الخطوات لم تكن متوالية ؛ لأن الأفعال الكثيرة إذا تفاصلت ولم تكن على الولاء لم تبطل الصلاة . قال المظهر : ويشبه أن تكون تلك المشية لم تزد على خطوتين . قال القاري : الإشكال باق لأن الخطوتين مع الفتح والرجوع عمل كثير فالأولى أن يقال : تلك الفعلات لم تكن متواليات ، انتهى .

                                                                                                          قلت : هذا كله من التقيد بالمذهب ، والظاهر أن أمثال هذه الأفعال في صلاة التطوع عند الحاجة لا تبطل الصلاة وإن لم تكن متوالية . قال ابن الملك : مشيه -عليه الصلاة والسلام- وفتحه الباب ثم رجوعه إلى مصلاه يدل على أن الأفعال الكثيرة إذا تتوالى لا تبطل الصلاة ، وإليه ذهب [ ص: 177 ] بعضهم . انتهى كلامه . قال القاري : وهو ليس بمعتمد في المذهب انتهى .

                                                                                                          قلت : ما قال ابن الملك هو ظاهر الحديث ، لكن في صلاة التطوع عند الحاجة لا مطلقا ، وهو الراجح المعتمد المعول عليه وإن لم يكن معتمدا في المذهب الحنفي ، والله تعالى أعلم .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن غريب ) وأخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه ، وسكت عنه أبو داود ، ونقل المنذري تحسين الترمذي وأقره .




                                                                                                          الخدمات العلمية