الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      [77] فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم وقالوا يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين

                                                                                                                                                                                                                                      فعقروا الناقة " أي نحروها. والعقر: الجرح، وأثر كالحز في قوائم الفرس والإبل. يقال: عقره بالسيف يعقره بالكسر، وعقره تعقيرا، قطع قوائمه بالسيف وهو قائم.

                                                                                                                                                                                                                                      قال الأزهري : العقر عند العرب كشف عرقوب البعير، ثم يجعل النحر عقرا، لأن ناحر الإبل يعقرها: ثم ينحرها.

                                                                                                                                                                                                                                      وفي اللسان: عقر الناقة وعقرها، إذا فعل بها ذلك حتى تسقط، فينحرها مستمكنا منها، أي: لئلا تشرد عند النحر.

                                                                                                                                                                                                                                      وفي الحديث: « لا عقر في الإسلام » .

                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن الأثير : كانوا يعقرون الإبل على قبور الموتى، أي:ينحرونها ويقولون إن صاحب القبر كان يعقر للأضياف أيام حياته، فنكافئه بمثل صنيعه بعد وفاته. كذا في (تاج العروس).

                                                                                                                                                                                                                                      وأسند العقر إلى جميعهم، لأنه كان برضاهم، وإن لم يباشره إلا بعضهم. ويقال للقبيلة الضخمة: أنتم فعلتم كذا وما فعله إلا واحد منهم. كذا في (الكشاف).

                                                                                                                                                                                                                                      قال أبو السعود : وفيه من تهويل الأمر وتفظيعه، بحيث أصابت غائلته الكل ما لا يخفى.

                                                                                                                                                                                                                                      وعتوا عن أمر ربهم " أي استكبروا عن امتثاله، وهو عبادته وحده، أو الحذر من مس الناقة بسوء. وزادوا في الاستهزاء: وقالوا يا صالح ائتنا بما تعدنا أي: من العذاب على عقر الناقة. والأمر للاستعجال لأنهم يعتقدون أنه لا يتأتى ذلك، ولذا قالوا: إن كنت من المرسلين " أي فإن الله ينصر رسله على أعدائه.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 2789 ]

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية