الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ( قال فما بال القرون الأولى ( 51 ) قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى ( 52 ) الذي جعل لكم الأرض مهدا وسلك لكم فيها سبلا وأنزل من السماء ماء فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى ( 53 ) )

                                                                                                                                                                                                                                      ( قال ) فرعون : ( فما بال القرون الأولى ) ومعنى " البال " : الحال ، أي : ما حال القرون الماضية والأمم الخالية ، مثل قوم نوح وعاد وثمود فيما تدعونني إليه فإنها كانت تعبد الأوثان وتنكر البعث؟ . ( قال ) موسى : ( علمها عند ربي ) أي : أعمالهم محفوظة عند الله يجازي بها .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : إنما رد موسى علم ذلك إلى الله لأنه لم يعلم ذلك ، فإن التوراة أنزلت بعد هلاك فرعون وقومه .

                                                                                                                                                                                                                                      ( في كتاب ) يعني : في اللوح المحفوظ ، ( لا يضل ربي ) أي : لا يخطئ . وقيل : لا يضل عنه شيء ولا يغيب عن شيء ، ( ولا ينسى ) [ أي : لا يخطئ ] ما كان من أمرهم حتى يجازيهم بأعمالهم . وقيل : لا ينسى أي : لا يترك ، فينتقم من الكافر ويجازي المؤمن . ( الذي جعل لكم الأرض مهدا ) قرأ أهل الكوفة : ( مهدا ) ها هنا ، وفي الزخرف ، فيكون مصدرا ، أي : فرشا ، وقرأ الآخرون : " مهادا " ، كقوله تعالى : " ألم نجعل الأرض مهادا " ( النبإ : 16 ) ، أي : فراشا وهو اسم لما يفرش ، كالبساط : اسم لما يبسط . [ ص: 278 ]

                                                                                                                                                                                                                                      ( وسلك لكم فيها سبلا ) [ السلك : إدخال الشيء في الشيء ، والمعنى : أدخل في الأرض لأجلكم طرقا تسلكونها ] قال ابن عباس : سهل لكم فيها طرقا تسلكونها .

                                                                                                                                                                                                                                      ( وأنزل من السماء ماء ) يعني : المطر .

                                                                                                                                                                                                                                      تم الإخبار عن موسى ، ثم أخبر الله عن نفسه بقوله : ( فأخرجنا به ) بذلك الماء ( أزواجا ) أصنافا ، ( من نبات شتى ) مختلف الألوان والطعوم والمنافع من بين أبيض وأحمر وأخضر وأصفر ، فكل صنف منها زوج ، فمنها للناس ومنها للدواب .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية