الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          1067 - مسألة : وكل ما تردى أو أصابه سبع أو نطحه ناطح ، أو انخنق فانتثر دماغه ، أو انقرض مصرانه ، أو انقطع نخاعه ، أو انتشرت حشوته فأدرك وفيه شيء من الحياة فذبح أو نحر - : حل أكله ، وإنما حرم تعالى ما مات من كل ذلك . برهانه - : قوله تعالى : { إلا ما ذكيتم } فاستثنى من ذلك كله ما أدركت ذكاته ، ولا نبالي من أيهما مات قبل ، لأن الله تعالى لم يشترط ذلك بل أباح ما ذكينا قبل الموت ، فلو قطع السبع حلقها نحرت وحل أكلها ، ولو بقي في الحلق موضع يذبح فيه ذبحت وحل أكلها . [ ص: 149 ] روينا من طريق عبد الرزاق عن معمر عن ابن أبي ذؤيب عن محمد بن يحيى بن حبان عن أبي مرة مولى عقيل بن أبي طالب أنه وجد شاة لهم تموت فذبحها فتحركت فسألت زيد بن ثابت ؟ فقال : إن الميتة لا تتحرك ; فسألت أبا هريرة ؟ فقال : كلها إذا طرفت عينها ، أو تحركت قائمة من قوائمها .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق ابن جريج عن جعفر بن محمد عن أبيه أن علي بن أبي طالب قال : إذا ضربت برجلها أو ذنبها أو طرفت بعينها فهي ذكي . ومن طريق سفيان بن عيينة عن الركين بن الربيع عن أبي طلحة الأسدي قال : عدا الذئب على شاة ففرى بطنها فسقط منه شيء إلى الأرض ، فسألت ابن عباس ؟ فقال : انظر ما سقط منها إلى الأرض فلا تأكله ، وأمره أن يذكيها فيأكلها . ومن طريق محمد بن المثنى نا عبد الله بن داود الخريبي عن أبي شهاب هو موسى بن رافع - عن النعمان بن علي قال : رأى سعيد بن جبير في دارنا نعامة تركض برجلها ، فقال : ما هذه ؟ قلنا : وقيذ وقعت في بئر ، فقال : ذكوها ، فإن الوقيذ ما مات في وقذه . ومن طريق إسماعيل بن إسحاق القاضي نا محمد بن عبيد نا محمد بن ثور عن معمر عن قتادة في قول الله تعالى - : { والمنخنقة } قال : هي التي تموت في خناقها . { والموقوذة } التي توقذ فتموت . { والمتردية } التي تتردى فتموت . { وما أكل السبع إلا ما ذكيتم } من هذا كله ، فإذا وجدتها تطرف عينها ، أو تحرك أذنها من هذا كله : منخنقة ، أو موقوذة ، أو متردية ، أو ما أكل السبع ، أو نطيحة فهي لك حلال إذا ذكيتها .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق سعيد بن منصور نا جرير بن عبد الحميد عن الركين بن الربيع عن أبي طلحة الأسدي أنه سمع ابن عباس سئل عن شاة بقر الذئب بطنها فوضع قصبها إلى الأرض ، ثم ذبحت ؟ فقال ابن عباس : ما سقط ، من قصبها إلى الأرض فلا تأكله ، فإنه ميتة ، وكل ما بقي - ولا يعرف لمن ذكرنا مخالف من الصحابة - وهي رواية ابن وهب [ ص: 150 ] عن مالك - وبه يأخذ إسماعيل ، وما نعلم للقول الآخر حجة أصلا ولا متعلقا . ومن طريق سعيد بن منصور نا هشيم أنا حجاج عن الشعبي عن الحارث عن علي قال : إذا وجد الموقوذة ، والمتردية ، والنطيحة ، وما أصاب السبع : فوجدت تحريك يد أو رجل فذكها وكل . قال هشيم : وأخبرنا حصين هو ابن عبد الرحمن - أن ابن أخي مسروق سأل ابن عمر عن صيد المناجل ؟ فقال : إنه يبين منه الشيء وهو حي فقال ابن عمر : أما ما أبان منه وهو حي فلا تأكل - وكل ما سوى ذلك . وأما من قال : ينظر من أي الأمرين مات قبل - فقول فاسد ، لأنه لا يقدر فيه على برهان من قرآن ، ولا من سنة ، ونسأله عمن ذبح ، أو نحر كما أمر الله تعالى ، ثم رمى رام حجرا ، وشدخ رأس الذبيحة ، أو النحيرة ، بعد تمام الذكاة فماتت للوقت ؟ أتؤكل أم لا ؟ فمن قولهم : نعم ، فصح أن المراعى إنما هو ما جاء به النص مما ذكي ، ثم لا نبالي مما مات أمن الذكاة أم من غيرها ؟ لأن الله تعالى لم يشترط لنا ذلك { وما كان ربك نسيا } . ومن الباطل أن يلزمنا الله تعالى حكما ، ولا يعينه علينا .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية