الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              1713 (باب فضل صدقة الصحيح الشحيح)

                                                                                                                              وقال النووي : (باب بيان أن أفضل الصدقة، صدقة الصحيح الشحيح) .

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 123 ج7 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن أبي هريرة قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل، فقال: يا رسول الله! أي الصدقة أعظم؟ فقال: "أن تصدق وأنت صحيح، شحيح، تخشى الفقر وتأمل الغنى. ولا تمهل، حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا. ولفلان كذا. ألا وقد كان لفلان .].

                                                                                                                              [ ص: 580 ]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              [ ص: 580 ] (الشرح)

                                                                                                                              (عن أبي هريرة ) رضي الله عنه (قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل، فقال: يا رسول الله! أي الصدقة أعظم؟) .

                                                                                                                              وزاد في رواية: "أجرا"، (فقال) .

                                                                                                                              وزاد في رواية: " فقال: أما وأبيك لتنبأنه": (أن تصدق وأنت صحيح شحيح) .

                                                                                                                              قال الخطابي: (الشح) أعم من البخل. وكأن الشح جنس، والبخل نوع.

                                                                                                                              وأكثر ما يقال البخل: في أفراد الأمور، والشح عام كالوصف اللازم، وما هو من قبل الطبع.

                                                                                                                              فمعنى الحديث: أن الشح غالب في حال الصحة. فإذا سمح فيها وتصدق، كان أصدق في نيته، وأعظم لأجره.

                                                                                                                              بخلاف من أشرف على الموت، وأيس من الحياة، ورأى مصير المال لغيره.

                                                                                                                              فإن صدقته حينئذ ناقصة، بالنسبة إلى حالة الصحة والشح، ورجاء البقاء وخوف الفقر.

                                                                                                                              (تخشى الفقر وتأمل الغنى) بضم الميم. أي: تطمع به.

                                                                                                                              (ولا تمهل، حتى إذا بلغت) أي: الروح (الحلقوم) .

                                                                                                                              [ ص: 581 ] والمراد: قاربت بلوغ الحلقوم.

                                                                                                                              إذ لو بلغته حقيقة، لم تصح وصية، ولا شيء من تصرفاته، باتفاق الفقهاء.

                                                                                                                              (قلت: لفلان كذا. ولفلان كذا. ألا وقد كان لفلان) .

                                                                                                                              قال الخطابي: المراد به: الوارث.

                                                                                                                              وقال غيره: المراد: سبق القضاء به، للموصى له.

                                                                                                                              ويحتمل أن يكون المعنى: أنه قد خرج عن تصرفه، وكمال ملكه، واستقلاله بما شاء من التصرف.

                                                                                                                              فليس له في وصيته كبير ثواب، بالنسبة إلى صدقة الصحيح الشحيح.




                                                                                                                              الخدمات العلمية