الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب فضل من يعول يتيما

                                                                                                                                                                                                        5659 حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب قال حدثني عبد العزيز بن أبي حازم قال حدثني أبي قال سمعت سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وقال بإصبعيه السبابة والوسطى

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باب فضل من يعول يتيما ) أي يربيه وينفق عليه .

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 451 ] قوله : ( عبد العزيز بن أبي حازم ) أي سلمة بن دينار .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أنا وكافل اليتيم ) أي القيم بأمره ومصالحه ، زاد مالك من مرسل صفوان بن سليم كافل اليتيم له أو لغيره ووصله البخاري في " الأدب المفرد " والطبراني من رواية أم سعيد بنت مرة الفهرية عن أبيها ، ومعنى قوله له بأن يكون جدا أو عما أو أخا أو نحو ذلك من الأقارب ، أو يكون أبو المولود قد مات فتقوم أمه مقامه أو ماتت أمه فقام أبوه في التربية مقامها . وأخرج البزار من حديث أبي هريرة موصولا من كفل يتيما ذا قرابة أو لا قرابة له وهذه الرواية تفسر المراد بالرواية التي قبلها .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وأشار بإصبعيه السبابة ) في رواية الكشميهني " السباحة " بمهملة بدل الموحدة الثانية ، والسباحة هي الأصبع التي تلي الإبهام سميت بذلك لأنها يسبح بها في الصلاة فيشار بها في التشهد لذلك ، وهي السبابة أيضا لأنها يسب بها الشيطان حينئذ . قال ابن بطال : حق على من سمع هذا الحديث أن يعمل به ليكون رفيق النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجنة ، ولا منزلة في الآخرة أفضل من ذلك . قلت : قد تقدم الحديث في كتاب اللعان وفيه " وفرج بينهما " أي بين السبابة والوسطى ، وفيه إشارة إلى أن بين درجة النبي - صلى الله عليه وسلم - وكافل اليتيم قدر تفاوت ما بين السبابة والوسطى ، وهو نظير الحديث الآخر بعثت أنا والساعة كهاتين الحديث ، وزعم بعضهم أنه - صلى الله عليه وسلم - لما قال ذلك استوت إصبعاه في تلك الساعة ثم عادتا إلى حالهما الطبيعية الأصلية تأكيدا لأمر كفالة اليتيم . قلت : ومثل هذا لا يثبت بالاحتمال ، ويكفي في إثبات قرب المنزلة من المنزلة أنه ليس بين الوسطى والسبابة إصبع أخرى ، وقد وقع في رواية لأم سعيد المذكورة عند الطبراني معي في الجنة كهاتين يعني المسبحة والوسطى إذا اتقى ويحتمل أن يكون المراد قرب المنزلة حالة دخول الجنة ، لما أخرجه أبو يعلى من حديث أبي هريرة رفعه أنا أول من يفتح باب الجنة فإذا امرأة تبادرني فأقول : من أنت فتقول : أنا امرأة تأيمت على أيتام لي ورواته لا بأس بهم ، وقوله : تبادرني أي لتدخل معي أو تدخل في أثري ، ويحتمل أن يكون المراد بمجموع الأمرين : سرعة الدخول ، وعلو المنزلة . وقد أخرج أبو داود من حديث عوف بن مالك رفعه أنا وامرأة سفعاء الخدين كهاتين يوم القيامة : امرأة ذات منصب وجمال حبست نفسها على يتاماها حتى ماتوا أو بانوا " فهذا فيه قيد زائد وتقييد في الرواية التي أشرت إليها بقوله : اتقي الله أي فيما يتعلق باليتيم المذكور . وقد أخرج الطبراني في " المعجم الصغير " من حديث جابر " قلت يا رسول الله مم أضرب منه يتيمي ؟ قال : مم كنت ضاربا منه ولدك غير واق مالك بماله " وقد زاد في رواية مالك المذكور حتى يستغني عنه فيستفاد منه أن للكفالة المذكورة أمدا .

                                                                                                                                                                                                        قال شيخنا في " شرح الترمذي " لعل الحكمة في كون كافل اليتيم يشبه في دخول الجنة أو شبهت منزلته في الجنة بالقرب من النبي أو منزلة النبي لكون النبي شأنه أن يبعث إلى قوم لا يعقلون أمر دينهم فيكون كافلا لهم ومعلما ومرشدا ، وكذلك كافل اليتيم يقوم بكفالة من لا يعقل أمر دينه بل ولا دنياه ، ويرشده ويعلمه ويحسن أدبه ، فظهرت مناسبة ذلك ا ه ملخصا .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية