الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        معلومات الكتاب

                                        إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

                                        ابن دقيق العيد - محمد بن علي بن وهب بن مطيع

                                        صفحة جزء
                                        418 - الحديث الثالث عشر : عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال { كانت أموال بني النضير : مما أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب وكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خالصا ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعزل نفقة أهله سنة ، ثم يجعل ما بقي في [ ص: 695 ] الكراع ، والسلاح عدة في سبيل الله عز وجل } .

                                        التالي السابق


                                        قوله " كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله " يحتمل وجهين :

                                        أحدهما : أن يراد بذلك : أنها كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة لا حق فيها لأحد من المسلمين ، ويكون إخراج رسول الله صلى الله عليه وسلم لما يخرجه منها لغير أهله ونفسه تبرعا منه صلى الله عليه وسلم .

                                        والثاني : أن يكون ذلك مما يشترك فيه هو وغيره صلى الله عليه وسلم ويكون ما يخرجه منها لغيره : من تعيين المصرف ، وإخراج المستحق ، وكذلك ما يأخذه صلى الله عليه وسلم لأهله من باب أخذ النصيب المستحق من المال المشترك في المصرف ولا يمنع من ذلك قوله { ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى } ; لأن هذه اللفظة قد ، وردت مع الاشتراك ، قال الله تعالى { ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى ، فلله وللرسول ولذي القربى } الآية . فأطلق على ذلك كونه إفاءة على رسوله ، مع الاشتراك في المصرف .

                                        ، وفي الحديث : جواز الادخار للأهل قوت سنة ، وفي لفظه : ما يوجه الجمع بينه وبين الحديث الآخر { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخر شيئا لغد } فيحمل هذا الادخار لنفسه وفي الحديث الذي نحن في شرحه على الادخار لأهله ، على أنه لا يكاد يحصل شك في أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مشاركا لأهله فيما يدخره من القوت ، ولكن يكون المعنى : أنهم المقصودون بالادخار الذي اقتضاه حالهم ، حتى لو لم يكونوا لم يدخر ، وفيه دليل على تقديم مصلحة الكراع والسلاح على غيرها ، لا سيما في مثل ذلك الزمان ، والمتكلمون على لسان الطريقة قد جعلوا - أو بعضهم - ما زاد على [ ص: 696 ] السنة خارجا عن طريقة التوكل .




                                        الخدمات العلمية