قوله عز وجل:
nindex.php?page=treesubj&link=28659_31757_32412_32433_33679_28996nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=53وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا nindex.php?page=treesubj&link=28659_28723_32405_33679_34255_34513_28996nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=54وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا nindex.php?page=treesubj&link=30549_30554_32341_34088_34131_34513_28996nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=55ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم وكان الكافر على ربه ظهيرا nindex.php?page=treesubj&link=31037_32022_32026_32028_28996nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=56وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا nindex.php?page=treesubj&link=30513_34513_28996nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=57قل ما أسألكم عليه من أجر إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا
اضطرب الناس في تفسير هذه الآية، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما: أراد: بحر السماء والبحر الذي في الأرض، ورتبت ألفاظ الآية على ذلك، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : البحر العذب هو مياه الأنهار الواقعة في البحر الأجاج، ووقوعها فيه هو مرجها، قال: والبرزخ والحجر هو حاجز في علم الله تعالى لا يراه البشر، وقاله
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج ، وقالت
[ ص: 446 ] فرقة: معنى "مرج": أدام أحدهما في الآخر، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : على أحدهما على الآخر، ونحو هذا من الأقوال التي تتداعى.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله :
والذي أقول في الآية: إن القصد بها التنبيه على
nindex.php?page=treesubj&link=33679_31756_31757قدرة الله تعالى، وإتقان خلقه للأشياء، في أن بث في الأرض مياها عذبة كثيرة من أنهار وعيون وآبار، وجعلها خلال الأجاج، وجعل الأجاج خلالها، فترى البحر قد اكتنفته المياه العذبة في ضفتيه، وتلقى الماء في البحر في الجزائر ونحوها- قد اكتنفه الماء الأجاج، فبثها هكذا في الأرض، هو خلطها، ومنه قوله: "مرج"، ومنه
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=5في أمر مريج .
و "البحران" يراد بهما جميع الماء العذب وجميع الماء الأجاج، كأنه قال: مرج نوعي الماء، فالبرزخ والحجر هما ما بين البحرين من الأرض واليبس، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن ، ومنه القدرة التي تمسكها مع قرب ما بينهما في بعض المواضع. وبكسر الحاء قرأ الناس كلهم هنا،
nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن بضم الحاء في سائر القرآن، و "البرزخ": الحاجز بين الشيئين.
وقرأ الجمهور : "هذا ملح"، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16258طلحة بن مصرف : "وهذا ملح" بفتح الميم وكسر اللام، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11971أبو حاتم : هذا منكر في القراءة، قال
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابن جني : أراد: مالحا، وحذف الألف، كعرد وبرد. و "الأجاج": أبلغ ما يكون من الملوحة.
[ ص: 447 ] وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=54وهو الذي خلق من الماء بشرا الآية. هو تعديد النعمة على الناس في إيجادهم بعد العدم، والتنبيه على العبرة في ذلك، وتعديد النعمة في التواشج الذي بينهم من النسب والصهر، وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=54من الماء إما أن يريد أصل الخلقة في أن كل حي مخلوق من الماء، وإما أن يريد نطف الرجال، وكل ذلك قالته فرقة، والأول أفصح وأبين. و "النسب والصهر" معنيان يعمان كل قربى تكون بين كل آدميين، فالنسب هو أن يجتمع إنسان مع آخر في أب أو في أم، قرب ذلك أو بعد ذلك، والصهر هو تواشج المناكحة، فقرابة الزوجة هم الأختان، وقرابة الزوج هم الأحماء، والأصهار يقع عاما لذلك كله، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضي الله عنه: النسب ما لا يحل نكاحه، والصهر ما يحل نكاحه، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك : الصهر قرابة الرضاع.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله :
وذلك عندي وهم أوجبه أن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما قال:
nindex.php?page=treesubj&link=10977_10821حرم من النسب سبع، ومن الصهر خمس" ، وفي رواية أخرى: ومن الصهر سبع ، يريد قوله عز وجل:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت فهذا هو النسب، ثم يريد بالصهر قوله تبارك وتعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف ، ثم ذكر المحصنات، ويحتمل هذا أن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما أراد:
[ ص: 448 ] حرم من الصهر ما ذكر معه، فقصد بـ "ما ذكر" إلى عظمه وهو الصهر; لا أن الرضاع صهر، وإنما
nindex.php?page=treesubj&link=10982الرضاع عديل النسب يحرم منه ما يحرم من النسب بحكم الحديث المأثور فيه، ومن روى:
وحرم من الصهر خمس أسقط من الآيتين الجمع بين الأختين، والمحصنات، وهن ذوات الأزواج.
وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=14431الزهراوي قولا: أن النسب من جهة البنين، والصهر من جهة البنات.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله :
وهذا حسن وهو في درج ما قدمته، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين : نزلت هذه الآية في النبي صلى الله عليه وسلم،
nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه; لأنه جمعه معه نسب وصهر.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله :
فاجتماعهما وكاد حرمة إلى يوم القيامة.
وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=54وكان ربك قديرا هي "كان" التي للدوام قبل وبعد، لا أنها تعطي مضيا فقط.
ثم ذكر تعالى خطأهم في عبادتهم أصناما لا تملك لهم ضرا ولا نفعا. وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=55وكان الكافر على ربه ظهيرا فيه تأويلان: أحدهما أن "الظهير" المعين، فتكون الآية بمعنى توبيخهم على ذلك، من أن الكفار يعينون على ربهم غيرهم من الكفرة، ويعينون الشيطان بأن يطيعوه ويظاهروه، وهذا هو تأويل
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=16327وابن زيد . والثاني ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري في أن يكون " الظهير" فعيلا من قولك: "ظهرت الشيء" إذا طرحته وراء ظهرك واتخذته ظهريا، فيكون معنى الآية على هذا التأويل احتقار الكفرة، و "الكافر" في هذه الآية اسم جنس، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما: بل هو معين أراد به
أبا جهل بن هشام .
[ ص: 449 ] قال
القاضي أبو محمد رحمه الله :
ويشبه أن
أبا جهل سبب الآية، ولكن اللفظ عام للجنس كله.
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=56وما أرسلناك الآية، تسلية
لمحمد صلى الله عليه وسلم، أي: لا تهتم بهم، ولا تذهب نفسك حسرات حرصا عليهم، فإنما أنت رسول تبشر المؤمنين بالجنة، وتنذر الكفرة بالنار، ولست بمطلوب بإيمانهم جميعا.
ثم أمره تعالى بأن يحتج عليهم مزيلا لوجوه التهم بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=57ما أسألكم عليه من أجر ، أي: لا أطلب مالا ولا نفعا يختص بي. وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=57إلا من شاء ، الظاهر فيه أنه استثناء منقطع، والمعنى: مسؤولي ومطلوبي من شاء أن يهتدي ويؤمن ويتخذ إلى رحمة ربه طريق نجاة فليفعل. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري : المعنى: لا أسألكم أجرا إلا إنفاق المال في سبيل الله، فهذا هو المسؤول، وهو السبيل إلى الرب.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله :
فالاستثناء -على هذا- كالمتصل، وكأنه قال: إلا أجر من شاء، والتأويل الأول أظهر.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:
nindex.php?page=treesubj&link=28659_31757_32412_32433_33679_28996nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=53وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا nindex.php?page=treesubj&link=28659_28723_32405_33679_34255_34513_28996nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=54وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا nindex.php?page=treesubj&link=30549_30554_32341_34088_34131_34513_28996nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=55وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا nindex.php?page=treesubj&link=31037_32022_32026_32028_28996nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=56وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا nindex.php?page=treesubj&link=30513_34513_28996nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=57قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلا مِنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلا
اضْطَرَبَ النَّاسُ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ، فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَرَادَ: بَحْرَ السَّمَاءِ وَالْبَحْرَ الَّذِي فِي الْأَرْضِ، وَرُتِّبَتْ أَلْفَاظُ الْآيَةِ عَلَى ذَلِكَ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ : الْبَحْرُ الْعَذْبُ هُوَ مِيَاهُ الْأَنْهَارِ الْوَاقِعَةُ فِي الْبَحْرِ الْأُجَاجِ، وَوُقُوعُهَا فِيهِ هُوَ مَرْجُهَا، قَالَ: وَالْبَرْزَخُ وَالْحِجْرُ هُوَ حَاجِزٌ فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَرَاهُ الْبَشَرُ، وَقَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ ، وَقَالَتْ
[ ص: 446 ] فِرْقَةٌ: مَعْنَى "مَرَجَ": أَدَامَ أَحَدَهُمَا فِي الْآخَرِ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : عَلَّى أَحَدَهُمَا عَلَى الْآخَرِ، وَنَحْوَ هَذَا مِنَ الْأَقْوَالِ الَّتِي تَتَدَاعَى.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ :
وَالَّذِي أَقُولُ فِي الْآيَةِ: إِنَّ الْقَصْدَ بِهَا التَّنْبِيهُ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=33679_31756_31757قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِتْقَانِ خَلْقِهِ لِلْأَشْيَاءِ، فِي أَنْ بَثَّ فِي الْأَرْضِ مِيَاهًا عَذْبَةً كَثِيرَةً مِنْ أَنْهَارٍ وَعُيُونٍ وَآبَارٍ، وَجَعَلَهَا خِلَالَ الْأُجَاجِ، وَجَعَلَ الْأُجَاجَ خِلَالَهَا، فَتَرَى الْبَحْرَ قَدِ اكْتَنَفَتْهُ الْمِيَاهُ الْعَذْبَةُ فِي ضَفَّتَيْهِ، وَتَلْقَى الْمَاءَ فِي الْبَحْرِ فِي الْجَزَائِرِ وَنَحْوِهَا- قَدِ اكْتَنَفَهُ الْمَاءُ الْأُجَاجُ، فَبَثُّهَا هَكَذَا فِي الْأَرْضِ، هُوَ خَلْطُهَا، وَمِنْهُ قَوْلُهُ: "مَرَجَ"، وَمِنْهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=5فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ .
و "الْبَحْرَانِ" يُرَادُ بِهِمَا جَمِيعُ الْمَاءِ الْعَذْبِ وَجَمِيعُ الْمَاءِ الْأُجَاجِ، كَأَنَّهُ قَالَ: مَرَجَ نَوْعَيِ الْمَاءِ، فَالْبَرْزَخُ وَالْحِجْرُ هُمَا مَا بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ مِنَ الْأَرْضِ وَالْيُبْسِ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ ، وَمِنْهُ الْقُدْرَةُ الَّتِي تُمْسِكُهَا مَعَ قُرْبِ مَا بَيْنَهُمَا فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ. وَبِكَسْرِ الْحَاءِ قَرَأَ النَّاسُ كُلُّهُمْ هُنَا،
nindex.php?page=showalam&ids=14102وَالْحَسَنُ بِضَمِّ الْحَاءِ فِي سَائِرِ الْقُرْآنِ، و "الْبَرْزَخُ": الْحَاجِزُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : "هَذَا مِلْحٌ"، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16258طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ : "وَهَذَا مَلِحٌ" بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ اللَّامِ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11971أَبُو حَاتِمْ : هَذَا مُنْكَرٌ فِي الْقِرَاءَةِ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابْنُ جِنِّيٍّ : أَرَادَ: مَالِحًا، وَحَذَفَ الْأَلِفَ، كَعَرْدٍ وَبَرْدٍ. و "الْأُجَاجُ": أَبْلَغُ مَا يَكُونُ مِنَ الْمُلُوحَةِ.
[ ص: 447 ] وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=54وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا الْآيَةُ. هُوَ تَعْدِيدُ النِّعْمَةِ عَلَى النَّاسِ فِي إِيجَادِهِمْ بَعْدَ الْعَدَمِ، وَالتَّنْبِيهُ عَلَى الْعِبْرَةِ فِي ذَلِكَ، وَتَعْدِيدُ النِّعْمَةِ فِي التَّوَاشُجِ الَّذِي بَيْنَهُمْ مِنَ النَّسَبِ وَالصِّهْرِ، وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=54مِنَ الْمَاءِ إِمَّا أَنْ يُرِيدَ أَصْلَ الْخِلْقَةِ فِي أَنَّ كُلَّ حَيٍّ مَخْلُوقٌ مِنَ الْمَاءِ، وَإِمَّا أَنْ يُرِيدَ نُطَفَ الرِّجَالِ، وَكُلُّ ذَلِكَ قَالَتْهُ فِرْقَةٌ، وَالْأَوَّلُ أَفْصَحُ وَأَبْيَنُ. و "النَّسَبُ وَالصِّهْرُ" مَعْنَيَانِ يَعُمَّانِ كُلَّ قُرْبَى تَكُونُ بَيْنَ كُلِّ آدَمِيَّيْنِ، فَالنَّسَبُ هُوَ أَنْ يَجْتَمِعَ إِنْسَانٌ مَعَ آخَرَ فِي أَبٍ أَوْ فِي أُمْ، قَرُبَ ذَلِكَ أَوْ بَعُدَ ذَلِكَ، وَالصِّهْرُ هُوَ تَوَاشُجُ الْمُنَاكَحَةِ، فَقَرَابَةُ الزَّوْجَةِ هُمُ الْأَخْتَانُ، وَقَرَابَةُ الزَّوْجِ هُمُ الْأَحْمَاءُ، وَالْأَصْهَارُ يَقَعُ عَامًّا لِذَلِكَ كُلِّهِ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: النَّسَبُ مَا لَا يَحِلُّ نِكَاحُهُ، وَالصِّهْرُ مَا يَحِلُّ نِكَاحُهُ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضَّحَّاكُ : الصِّهْرُ قَرَابَةُ الرَّضَاعِ.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ :
وَذَلِكَ عِنْدِي وَهْمٌ أَوْجَبَهُ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:
nindex.php?page=treesubj&link=10977_10821حُرِّمْ مِنَ النَّسَبِ سَبْعٌ، وَمِنَ الصِّهْرِ خَمْسٌ" ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: وَمِنَ الصِّهْرِ سَبْعٌ ، يُرِيدُ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ فَهَذَا هُوَ النَّسَبُ، ثُمْ يُرِيدُ بِالصِّهْرِ قَوْلَهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنَ نِسَائِكُمْ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنَ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ ، ثُمْ ذَكَرَ الْمُحْصَنَاتِ، وَيَحْتَمِلُ هَذَا أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَرَادَ:
[ ص: 448 ] حُرِّمْ مِنَ الصِّهْرِ مَا ذُكِرَ مَعَهُ، فَقَصَدَ بِـ "مَا ذُكِرَ" إِلَى عُظْمِهِ وَهُوَ الصِّهْرُ; لَا أَنَّ الرَّضَاعَ صِهْرٌ، وَإِنَّمَا
nindex.php?page=treesubj&link=10982الرَّضَاعُ عَدِيلُ النَّسَبِ يَحْرُمْ مِنْهُ مَا يَحْرُمْ مِنَ النَّسَبِ بِحُكْمِ الْحَدِيثِ الْمَأْثُورِ فِيهِ، وَمَنْ رَوَى:
وَحُرِّمْ مِنَ الصِّهْرِ خَمْسٌ أَسْقَطَ مِنَ الْآيَتَيْنِ الْجَمْعَ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ، وَالْمُحْصَنَاتِ، وَهُنَّ ذَوَاتُ الْأَزْوَاجِ.
وَحَكَى
nindex.php?page=showalam&ids=14431الزَّهْرَاوِيُّ قَوْلًا: أَنَّ النَّسَبَ مِنْ جِهَةِ الْبَنِينَ، وَالصِّهْرَ مِنْ جِهَةِ الْبَنَاتِ.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ :
وَهَذَا حَسَنٌ وَهُوَ فِي دَرَجِ مَا قَدَّمْتُهُ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابْنُ سِيرِينَ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
nindex.php?page=showalam&ids=8وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ; لِأَنَّهُ جَمَعَهُ مَعَهُ نَسَبٌ وَصِهْرٌ.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ :
فَاجْتِمَاعُهُمَا وِكَادُ حُرْمَةٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=54وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا هِيَ "كَانَ" الَّتِي لِلدَّوَامِ قَبْلُ وَبَعْدُ، لَا أَنَّهَا تُعْطِي مُضِيًّا فَقَطْ.
ثُمْ ذَكَرَ تَعَالَى خَطَأَهُمْ فِي عِبَادَتِهِمْ أَصْنَامًا لَا تَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا. وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=55وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا فِيهِ تَأْوِيلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ "الظَّهِيرَ" الْمُعِينُ، فَتَكُونُ الْآيَةُ بِمَعْنَى تَوْبِيخِهِمْ عَلَى ذَلِكَ، مِنْ أَنَّ الْكَفَّارَ يُعِينُونَ عَلَى رَبِّهِمْ غَيْرَهُمْ مِنَ الْكَفَرَةِ، وَيُعِينُونَ الشَّيْطَانَ بِأَنْ يُطِيعُوهُ وَيُظَاهِرُوهُ، وَهَذَا هُوَ تَأْوِيلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14102وَالْحَسَنِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16327وَابْنِ زَيْدٍ . وَالثَّانِي ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ فِي أَنْ يَكُونَ " الظَّهِيرُ" فَعِيلًا مِنْ قَوْلِكَ: "ظَهَرْتُ الشَّيْءَ" إِذَا طَرَحْتَهُ وَرَاءَ ظَهْرِكَ وَاتَّخَذْتَهُ ظِهْرِيًّا، فَيَكُونُ مَعْنَى الْآيَةِ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ احْتِقَارَ الْكَفَرَةِ، و "الْكَافِرُ" فِي هَذِهِ الْآيَةِ اسْمُ جِنْسٍ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: بَلْ هُوَ مُعَيَّنٌ أَرَادَ بِهِ
أَبَا جَهْلٍ بْنِ هِشَامٍ .
[ ص: 449 ] قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ :
وَيُشْبَهُ أَنَّ
أَبَا جَهْلٍ سَبَبُ الْآيَةِ، وَلَكِنَّ اللَّفْظَ عَامٌّ لِلْجِنْسِ كُلِّهِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=56وَمَا أَرْسَلْنَاكَ الْآيَةُ، تَسْلِيَةٌ
لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَيْ: لَا تَهْتَمَّ بِهِمْ، وَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكُ حَسَرَاتٍ حِرْصًا عَلَيْهِمْ، فَإِنَّمَا أَنْتَ رَسُولٌ تُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ بِالْجَنَّةِ، وَتُنْذِرُ الْكَفَرَةَ بِالنَّارِ، وَلَسْتَ بِمَطْلُوبٍ بِإِيمَانِهِمْ جَمِيعًا.
ثُمْ أَمَرَهُ تَعَالَى بِأَنْ يَحْتَجَّ عَلَيْهِمْ مُزِيلًا لِوُجُوهِ التُّهَمِ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=57مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ، أَيْ: لَا أَطْلُبُ مَالًا وَلَا نَفْعًا يَخْتَصُّ بِي. وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=57إِلا مَنْ شَاءَ ، الظَّاهِرُ فِيهِ أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ، وَالْمَعْنَى: مَسْؤُولِي وَمَطْلُوبِي مَنْ شَاءَ أَنْ يَهْتَدِيَ وَيُؤْمِنَ وَيَتَّخِذَ إِلَى رَحْمَةِ رَبِّهِ طَرِيقَ نَجَاةٍ فَلْيَفْعَلْ. وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ : الْمَعْنَى: لَا أَسْأَلُكُمْ أَجْرًا إِلَّا إِنْفَاقَ الْمَالِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَهَذَا هُوَ الْمَسْؤُولُ، وَهُوَ السَّبِيلُ إِلَى الرَّبِّ.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ :
فَالِاسْتِثْنَاءُ -عَلَى هَذَا- كَالْمُتَّصِلِ، وَكَأَنَّهُ قَالَ: إِلَّا أَجْرَ مَنْ شَاءَ، وَالتَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ أَظْهَرُ.