الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون .

                                                                                                                                                                                                                                      ولو أنهم آمنوا : أي بالرسول المومى إليه في قوله (تعالى): ولما جاءهم رسول من عند الله... ؛ إلخ.. أو بما أنزل إليه من الآيات المذكورة في قوله (تعالى): ولقد أنزلنا إليك آيات بينات وما يكفر بها إلا الفاسقون ؛ أو بالتوراة؛ التي أريدت بقوله (تعالى): نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم ؛ فإن الكفر بالقرآن؛ والرسول - عليه الصلاة والسلام - كفر بها.

                                                                                                                                                                                                                                      واتقوا ؛ المعاصي المحكية عنهم؛ لمثوبة من عند الله خير : جواب "لو"؛ وأصله: لأثيبوا مثوبة من عند الله خيرا مما شروا به أنفسهم؛ فحذف الفعل؛ وغير السبك إلى ما عليه النظم الكريم؛ دلالة على ثبات المثوبة لهم؛ والجزم بخيريتها؛ وحذف المفضل عليه؛ إجلالا للمفضل من أن ينسب إليه؛ وتنكير المثوبة للتقليل؛ و"من" متعلقة بمحذوف؛ وقع صفة تشريفية لـ "مثوبة"؛ أي: لشيء ما من المثوبة كائنة من عنده (تعالى) خير؛ وقيل: جواب "لو" محذوف؛ أي: لأثيبوا؛ وما بعده جملة مستأنفة؛ فإن وقوع [ ص: 141 ] الجملة الابتدائية جوابا لـ "لو" غير معهود في كلام العرب؛ وقيل: "لو" للتمني؛ ومعناه أنهم من فظاعة الحال بحيث يتمنى العارف إيمانهم؛ واتقاءهم؛ تلهفا عليهم؛ وقرئ: "لمثوبة"؛ وإنما سمي الجزاء ثوابا؛ ومثوبة؛ لأن المحسن يثوب إليه؛ لو كانوا يعلمون ؛ أن ثواب الله خير؛ نسبوا إلى الجهل لعدم العمل بموجب العلم.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية