الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( باب ما جاء في صفة سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم )

الصفة الوصف والكشف والتبيين ، وبدأ في آلات الحرب بالسيف . لأنه أنفعها وأيسرها وأغلبها استعمالا وأردف باب الخاتم بباب السيف ; لما علم أنه صلى الله عليه وسلم اتخذ الخاتم ليختم به رسائله إلى الملوك إشارة إلى أنه دعاهم إلى الإسلام أولا ، فلما امتنعوا حاربهم .

( حدثنا محمد بن بشار أخبرنا وهب بن جرير ) مر ذكرهما ( أخبرنا أبي عن قتادة عن أنس قال : كانت قبيعة سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم من فضة ) أخرجه المصنف في جامعه وأبو داود والنسائي والدارمي والقبيعة بفتح القاف وكسر الموحدة ، ما على رأس قائم السيف على ما في النهاية ، وقيل : هي ما تحت شاربي السيف مما يكون فوق الغمد ، فيجئ مع قائم السيف ، وفي الحديث دليل على جواز تحلية السيف وسائر آلات الحرب بالقليل من الفضة ، وأما التحلية بالذهب فغير مباح ، كذا ذكره ميرك ، وقال الحنفي : وكذلك المنطقة واختلفوا في تحلية اللجام والسرج فأباحه بعضهم [ ص: 193 ] كالسيف وحرمه بعضهم ; لأنه من زينة الدابة ، وكذلك اختلفوا في تحلية سكين الحرب والمقلمة ، بقليل من الفضة انتهى ، قال ميرك : ويفهم من هذا الحديث أن قبيعته كانت فضة فقط ، لكن أخرج ابن سعد من طريق إسماعيل عن جابر عن عامر ، قال : أخرج إلينا علي بن حسين سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا قبيعته من فضة ، وإذا حلقته التي يكون فيها الحمائل من فضة ، قال : فسللته فإذا هو سيف كان لمنبه بن الحجاج السهمي ، أصابه يوم بدر ، ومن طريق سليمان بن بلال عن جعفر بن محمد عن أبيه قال : كانت نعل سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم وحلقه وقباعه من فضة ، ومن طريق جرير بن حازم عن قتادة عن أنس قال : كانت نعل سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم فضة ، وقبيعته وما بين ذلك حلق فضة ، قال ابن حجر : الحاصل أن الذهب لا يحل للرجال مطلقا لا استعمالا ولا اتخاذا ولا تضبيبا ولا تمويها ، لا لآلة الحرب ولا لغيرها ، وكذا الفضة إلا في التضبيب والخاتم وتحلية آلة الحرب ، وما وقع في بعض الروايات ، من حل التمويه تارة ، وحرمته أخرى ، محمول على تفصيل علم من مجموع كلامهم ، وهو أنه إن حصل شيء بالعرض على النار من ذلك المموه حرمت استدامته ، كابتدائه وإن لم يحصل منه شيء حرم الابتداء فقط ، أما نفس التمويه الذي هو الفعل ، والإعانة عليه والتسبب فيه فحرام مطلقا ، ويتأتى هذا التفصيل في تمويه الرجال الخاتم وآلة الحرب بالذهب ، وقال قاضي خان : يكره الأكل والشرب والادهان في آنية الذهب والفضة ، وكذا المجامر والمكاحل والمداهن ، كذا الاكتحال بميل الذهب والفضة ، وكذا السرر والكراسي إذا كانت مفضضة أو مذهبة ، وكذا السرج إذا كان مفضضا أو مذهبا ، كذا اللجام والركاب ولا بأس بأن يجعل المصحف مفضضا أو مذهبا ، ولا بأس بتحلية المنطقة والسلاح وحمائل السيف بالفضة ، في قولهم جميعا ويكره ذلك بالذهب عند البعض ، وهذا إذا كان يخلص منه الذهب والفضة ، وأما التمويه الذي لا يخلص منه شيء فلا بأس به عند الكل ، ولا بأس بمسامير الذهب والفضة .

التالي السابق


الخدمات العلمية