الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      مسألة [ رد الحديث بعمل الراوي بخلافه ] ولا يضر عمل الراوي بخلافه ، خلافا لجمهور الحنفية ، وبعض المالكية ، حيث قدموا رأيه على روايته ، ولذلك لم يوجبوا التسبيع بخبر أبي هريرة في ولوغ الكلب ، لمخالفته إياه . وقد قال عبد الجبار وأبو الحسين : إن لم يكن لمذهبه وتأويله وجه إلا أنه علم بالضرورة أنه عليه السلام أراد ذلك الذي ذهب إليه من ذلك الخبر [ ص: 256 ] وجب المصير إليه . وإن لم يعلم ذلك ، بل جوزنا أن يكون قد صار إليه لنص أو قياس وجب النظر في ذلك ، فإن اقتضى ما ذهب إليه وجب المصير إليه ، وإن لم يقتض ذلك ولم نطلع على مأخذه وجب المصير إلى ظاهر الخبر ; لأن الحجة إنما هي في كلام الرسول ، لا في مذهب الراوي ، وظاهر الحديث يدل على معنى غير ما ذهب إليه الراوي ، فوجب المصير إليه وعدم الالتفات إلى مذهب الراوي . وقال الغزالي في " المنخول " : إن أمكن حمل مذهبه على تقدمه على الرواية أو على نسيانه فعل ذلك جمعا بين قبول الحديث وإحسان الظن ، وإن نقل مقيدا أنه خالف الحديث مع علمه به ، فالحديث متروك . ولو نقل مذهبه مطلقا ، فلا يترك لاحتمال النسيان . نعم ، يرجح عليه حديث يوافقه مذهب الراوي . وقال إمام الحرمين : إذا روى خبرا يقتضي رفع الحرج ، ثم رأيناه متحرجا ، فالاستمساك بروايته وعمله محمول على الورع والتعلق بالأفضل ، وقال الصيرفي : كل من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم خبرا ثم خالفه ، لم يكن ذلك مقيدا لخبره لإمكان تأويله ، أو خبر يعارضه ، أو معنى بفارق عنده . فمتى لم ينكشف لنا شيء من ذلك أمضينا الخبر حتى نعلم خلافه .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية