الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 226 ] 111 - باب بيان مشكل ما روي عنه عليه السلام فيما سكت الله تعالى عنه

754 - حدثنا ابن أبي داود ، حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي ، حدثنا عرعرة بن البرند ، حدثنا زياد بن جصاص ، عن معاوية بن قرة ، عن { أناس من أصحاب النبي عليه السلام أنهم سألوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : أعاريب يأتوننا بلحمان مشرحة والجبن والسمن والفراء ، ما ندري ما كنه إسلامهم ، قال : انظروا ما حرم عليكم فأمسكوا عنه ، وما سكت عنه فإنه عفا لكم عنه وما كان ربك نسيا واذكروا اسم الله عز وجل } .

[ ص: 227 ] والأشياء المرادة في هذا عندنا ، والله أعلم ، هي الأشياء التي من جنس ما ذكر في هذا الحديث توسعة من الله على عباده في الطعام الذي يأكلونه من الذبائح التي أباحها الله لهم من أيدي من أحل لهم ذبائحهم وحرم عليهم ذبائح أضدادهم من المجوس وعبدة الأوثان وجعل لهم استعمال ظاهرها ، وعلى أنها مما أحل حتى يعلموا ما سوى ذلك مما حرم عليهم ، ولو شاء عز وجل لضيق ذلك عليهم فلم يبحهم أكل شيء من اللحمان حتى يعلموا من ذابحوها ، وهل هم [ ص: 228 ] ممن يحل ذبائحهم أم ممن سوى ذلك ؟ وكان في ذلك إعنات الله تعالى لهم كما قال : ولو شاء الله لأعنتكم ولكنه خفف ذلك ورفعه عنهم رحمة منه لهم وتفضلا منه عليهم ، وخالف بين ذلك وبين الشرائع التي شرعها لهم في دينه وتعبدهم بها فيه ، وأمرهم بطلب مشكلها من محكمها ومما يطلب من مثله على ما ذكرناه في الباب الذي قبل هذا الباب ، ومثل هذا الحديث ما روي عن ابن عباس .

مما قد حدثنا أبو أمية ، حدثنا أبو نعيم ، حدثنا محمد بن شريك ، عن عمرو بن دينار ، عن أبي الشعثاء ، عن ابن عباس قال : كان أهل الجاهلية يأكلون أشياء ويتركون أشياء تقذرا ، فبعث الله نبيه وأنزل كتابه وأحل حلاله وحرم حرامه ، فما أحل فهو حلال وما حرم فهو حرام ، وما سكت عنه فهو عفو ، ثم تلا : قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما الآية .

ومما حدثنا فهد ، حدثنا أبو نعيم ، حدثنا محمد ، عن عمرو ... ثم ذكر بإسناده مثله .

[ ص: 229 ] فالمراد بما في الحديث عندنا هو المراد بما في الحديث الذي ذكرناه قبله في هذا الباب ، والله أعلم وإياه نسأل التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية