الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 285 ] [نكت من علل أصول الإدغام]

                                                                                                                                                                                                                                      قد ذكرت في “الكبير” مخارج الحروف، وأصنافها، وأنا مقتصر ههنا على ذكر نكت من العلل إن شاء الله.

                                                                                                                                                                                                                                      فأصل (الإدغام): تخفيف يستعمل مع تقارب مخارج الحروف، والأغلب فيه إدغام الأضعف في الأقوى، والأضعف في الأضعف، والأقوى في الأقوى، وإدغام الأقوى في الأضعف قليل.

                                                                                                                                                                                                                                      و (القوي): ما كانت فيه زيادة; من استطالة، أو تكرير، أو تفش، أو ما شابه ذلك; كالراء، والضاد، والشين.

                                                                                                                                                                                                                                      ولا تدغم حروف الفم في حروف الحلق، ولا في حروف الشفتين; لما بينهن من البعد، وتدغم بعض حروف الفم في بعض، إلا أن الياء لا تدغم في غيرها، ولا يدغم غيرها فيها إلا الواو التي هي مؤاخية لها; نحو: (لويت ليا)، والنون في نحو: ومن يفعل [البقرة: 231]، وكذلك لا تدغم حروف الشفة في حروف الفم، ولا في حروف الحلق، ولا تدغم حروف الحلق والشفة فيهن، وتدغم بعضهن في بعض، ما عدا النون; فإنها تدغم في الواو، وكذلك الياء، [ ص: 286 ] حسب ما تقدم.

                                                                                                                                                                                                                                      [والحروف المشتركة في إدغام لام المعرفة فيها متآخية، يجوز إدغام بعضها في بعض، وإدغام ما لا يشترك في إدغام لام المعرفة فيه قليل].

                                                                                                                                                                                                                                      وعلة إدغام الدال في الجيم: اجتماعهما في الفم، والجهر، والشدة، والجيم من مخرج الشين، [والدال تدغم في الشين]; للتفشي الذي يتصل به الشين بمخرج الدال، وإن لم يشتركا في إدغام لام المعرفة فيهما، ومن أظهر; فلما بينهما من البعد، ولام المعرفة لا تدغم في الجيم كما تدغم في الدال.

                                                                                                                                                                                                                                      وإدغام الدال في الشين; بسبب التفشي المتقدم ذكره، ولام المعرفة تدغم فيهما، وكذلك إدغامها في الذال والزاي; بسبب الاشتراك في لام [ ص: 287 ] المعرفة، وفي الذال والزاي زيادة.

                                                                                                                                                                                                                                      وإدغامها في السين والصاد; لاشتراكهن في طرف اللسان، وإدغام لام المعرفة فيهن، وفي السين والصاد زيادة، ومن أظهر; فلاختلافهن في الصفير، والشدة والرخاوة، والجهر والهمس.

                                                                                                                                                                                                                                      وإدغام الدال في الظاء; لقرب الظاء من مخرج الدال، واتفاقهما في الجهر.

                                                                                                                                                                                                                                      وإدغامها في الضاد; لاستطالة الضاد التي يتصل بها بمخرج الدال، مع ما فيها من زيادة الإطباق.

                                                                                                                                                                                                                                      وإظهارها في التاء بعيد; لأنهما من مخرج واحد، ومن أدغم; فلاتفاقهما في إدغام لام المعرفة فيهما.

                                                                                                                                                                                                                                      وهكذا يجري اعتبار الإدغام في سائر الأصول المذكورة في اعتبار القرب والبعد، والاشتراك في لام المعرفة، والضعف، والقوة، واستقصاء ذلك يطول، [ ص: 288 ] وقد بسطته في “الكبير”.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية