الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( 13 ) باب المستحاضة

الفصل الأول

557 - عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت : يا رسول الله ، إني امرأة أستحاض ، فلا أطهر ، أفأدع الصلاة ؟ فقال : لا ، إنما ذلك عرق وليس بحيض ، فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة ، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم ، ثم صلي " متفق عليه .

التالي السابق


( 13 ) باب المستحاضة

الاستحاضة في الشرع : خروج الدم من رحم المرأة خارج أيام الحيض ومدته ، وحكمها أن لا تمنع صلاة وصوما ووطئا ونحوها خلافا لأحمد في الوطء .

الفصل الأول

557 - ( عن عائشة قالت : جاءت فاطمة بنت أبي حبيش ) : بضم حاء مهملة وفتح موحدة وياء ساكنة بعدها شين معجمة ، هو ابن عبد المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب ( إلى النبي صلى الله عليه وسلم ) : لتسأله عن أمر دينها ( فقالت : يا رسول الله ، إني امرأة ) : بسكون الياء وتفتح ( أستحاض ) : بهمزة مضمومة وفتح تاء ، وهذه الكلمة ترد على بناء المفعول ; يقال : استحيضت المرأة فهي مستحاضة ; إذا استمر بها الدم بعد أيام حيضها أو نفاسها ( فلا أطهر ) : أي : مدة مديدة ( أفأدع الصلاة ؟ ) : بهمزة الاستفهام أي : أفأتركها ما دامت الاستحاضة معي ، ولو طالت المدة ؟ ( فقال : لا ) : أي : لا تدعيها ( إنما ذلك ) بكسر الكاف خطابا لها ، وتفتح على خطاب العام أي : الذي تشتكينه ( عرق ) : أي : دم عرق انشق وانفجر منه الدم ، أو إنما سببها عرق فمه في أدنى الرحم ( وليس ) : أي : ذلك الدم الذي نشأ من ذلك العرق ( بحيض ) : فإن دم الحيض دم تميزه القوة المولدة بإذن خالقها لأجل الجنين ، وتدفعه إلى الرحم في مجاريه ، ويجتمع فيه . ولذا سمي حيضا من قولهم : [ ص: 499 ] استحوض الماء إذا اجتمع ، فإذا كثر وامتلأ ولم يكن جنين أو كان أكثر مما يحتمله انصب منه ، وفي رواية : ليس بالحيضة ; لأنه يخرج من عرق في أقصى الرحم ، ثم يجتمع فيه ، ثم إن كان جنين تغذى به ولم يخرج منه شيء ، وإن لم يكن ثم جنين خرج في أوقات الصحة على ما استقر له من العادة غالبا ، وهذه من عرق في أدناه ( فإذا أقبلت حيضتك ) : بالكسر اسم للحيض ، ويؤيده رواية الفتح ، وقيل : المراد بها الحالة التي كانت تحيض فيها وهي تعرفها ، فيكون ردا إلى العادة ، وقيل : المراد بها الحالة التي تكون للحيض من قوة الدم في اللون والقوام ، ويؤيده حديث عروة الذي يتلوه ، وهي لم تعرف أيامها ، فيكون ردا إلى التمييز .

قال الطيبي : وقد اختلف العلماء فيه ، فأبو حنيفة منع اعتبار التمييز مطلقا ، والباقون عملوا بالتمييز في حق المبتدأة ، واختلفوا فيما إذا تعارضت العادة والتمييز ، فاعتبر مالك وأحمد وأكثر أصحابنا التمييز ولم ينظروا إلى العادة ، وعكس ابن خيران اهـ .

والفرقة الأولى يقولون : إن حديث عروة وهذا الحديث الذي تمسكنا به صحيح ، فالأخذ به أولى ، والله تعالى أعلم . أي : إذا كان أيام حيضتك ( فدعي الصلاة ) : أي : اتركيها ( وإذا أدبرت ) : أي : تولت حيضتك وجاوز دمك أيام عادتك ( فاغسلي عنك الدم ) أي : أثر دم الاستحاضة واغتسلي مرة واحدة ، ولعل الاكتفاء بغسل الدم دون غسل انقطاع الحيض ; لأنه معلوم من الدين ( ثم صلي ) : قال الشافعي : تغسل المستحاضة فرجها لكل صلاة مفروضة عند أبي حنيفة لوقت كل صلاة ، وتشده بعصابة وتتوضأ ، أو تستعجل في أدائها وهي معذورة في جريان الدم فيها ، كذا قاله ابن الملك ، وفي السراجية : لا يجب الاستنجاء على المستحاضة لوقت كل صلاة ( متفق عليه ) .




الخدمات العلمية