الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : أرسلنا الشياطين الآية [ 19 \ 83 ] ، أي : سلطناهم عليهم وقيضناهم لهم ، وهذا هو الصواب ، خلافا لمن زعم أن معنى أرسلنا الشياطين الآية ، أي : خلينا بينهم وبينهم ، ولم نعصمهم من شرهم ، يقال : أرسلت البعير ، أي : خليته .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : تؤزهم أزا : الأز والهز والاستفزاز بمعنى ، ومعناها التهييج وشدة الإزعاج ، فقوله : تؤزهم أزا ، أي : تهيجهم وتزعجهم إلى الكفر والمعاصي .

                                                                                                                                                                                                                                      وأقوال أهل العلم في الآية راجعة إلى ما ذكرنا : كقول ابن عباس تؤزهم أزا ، أي : تغريهم إغراء " ، وكقول مجاهد تؤزهم أزا ، أي : تشليهم إشلاء ، وكقول قتادة تؤزهم أزا أي : تزعجهم إزعاجا .

                                                                                                                                                                                                                                      وما ذكره جل وعلا في هذه الآية الكريمة من أنه سلط الشياطين على الكافرين ، وقيضهم لهم يضلونهم عن الحق بينه في مواضع أخر من كتابه ، كقوله تعالى : وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم الآية [ 41 \ 25 ] ، وقوله تعالى : ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين وإنهم ليصدونهم عن السبيل الآية [ 43 \ 36 ] وقوله تعالى : ويوم يحشرهم جميعا يامعشر الجن قد استكثرتم من الإنس الآية [ 6 \ 128 ] وقوله : وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون [ 7 \ 202 ] ، إلى غير ذلك من الآيات .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية