الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرءوف رحيم

                                                                                                                                                                                                قرئ: "بشق الأنفس": بكسر الشين وفتحها، وقيل: هما لغتان في معنى المشقة، وبينهما فرق: وهي أن المفتوح مصدر شق الأمر عليه شقا، وحقيقته راجعة إلى الشق الذي هو الصدع، وأما الشق فالنصف، كأنه يذهب نصف قوته لما يناله من الجهد.

                                                                                                                                                                                                [ ص: 425 ] فإن قلت: ما معنى قوله: لم تكونوا بالغيه : كأنهم كانوا زمانا يتحملون المشاق في بلوغه حتى حملت الإبل أثقالهم.

                                                                                                                                                                                                قلت: معناه: وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه في التقدير لو لم تخلق الإبل إلا بجهد أنفسكم، لا أنهم لم يكونوا بالغيه في الحقيقة.

                                                                                                                                                                                                فإن قلت: كيف طابق قوله: لم تكونوا بالغيه قوله: وتحمل أثقالكم وهلا قيل: لم تكونوا حامليها إليه ؟

                                                                                                                                                                                                قلت: طباقه من حيث إن معناه: وتحمل أثقالكم إلى بلد بعيد قد علمتم أنكم لا تبلغونه بأنفسكم إلا بجهد ومشقة، فضلا أن تحملوا على ظهوركم أثقالكم، ويجوز أن يكون المعنى: لم تكونوا بالغيه بها إلا بشق الأنفس، وقيل: أثقالكم أجرامكم، وعن عكرمة ، البلد: مكة، لرءوف رحيم ; حيث رحمكم بخلق هذه الحوامل وتيسير هذه المصالح.

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية