الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        فلما جاء سليمان قال أتمدونن بمال فما آتاني الله خير مما آتاكم بل أنتم بهديتكم تفرحون ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون

                                                                                                                                                                                                                                        قوله تعالى : فلما جاء سليمان فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : فلما جاءت هداياها سليمان ، قاله يزيد بن رومان .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : فلما جاءت رسلها سليمان لأن الهدهد قد كان سبق إلى سليمان فأخبره بالهدية والرسل فتأهب سليمان لهم .

                                                                                                                                                                                                                                        قال السدي : فأمر الشياطين فموهوا لبن المدينة وحيطانها ذهبا وفضة ، وقيل إنها بعثت مع رسلها بعصا كان يتوارثها ملوك حمير ، وقالت : أريد أن يعرفني رأس هذه من أسفلها ، وبقدح وقالت : يملؤه ماء ليس من الأرض ولا من السماء ، وبخرزتين إحداهما ثقبها معوج وقالت يدخل فيها خيطا والأخرى غير مثقوبة وقالت يثقب هذه .

                                                                                                                                                                                                                                        قال سليمان للرسل حين وصلوا إليه أتمدونن بمال معناه أتزيدونني مالا إلى ما تشاهدونه من أموالي .

                                                                                                                                                                                                                                        فما آتاني الله خير مما آتاكم أي فما آتاني من النبوة والملك خير مما آتاكم من المال ، فرد عليهم المال وميز الغلمان من الجواري ، وأرسل العصا إلى الأرض فقال: أي الرأسين سبق للأرض فهو أصلها ، وأمر بالخيل فأجريت حتى عرقت وملأ القدح من عرقها وقال : ليس هذا من الأرض ولا من السماء ، وثقب إحدى الخرزتين وأدخل الخيط في الأخرى ، فقال الرسل ما شاهدوا .

                                                                                                                                                                                                                                        واختلف في الرسل هل كانوا رجالا أو نساء على قولين .

                                                                                                                                                                                                                                        قوله ارجع إليهم فيه قولان :

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 211 ] أحدهما : أنه قال ذلك للرسول ارجع إليهم بما جئت من الهدايا ، قاله قتادة ، ويزيد بن رومان .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أنه قال ذلك للهدهد [ارجع إليه] ، قائلا لهم : فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها أي لا طاقة لهم بها ليكون الهدهد نذيرا لهم ، قاله زهير . وصدق نبي الله سليمان صلى الله عليه وسلم لأن من جنوده الإنس والجن والطير فليس لأحد بها طاقة .

                                                                                                                                                                                                                                        ولنخرجنهم منها أذلة الآية . إخبارا لهم عما يصنعه بهم ليسعد منهم بالإيمان من هدي وهذه سنة كل نبي .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية