الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          وأفضل ما يتطوع به الجهاد ، وغزو البحر أفضل من غزو البر ، ويغزو مع كل بر وفاجر ويقاتل كل قوم من يليهم من العدو .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( وأفضل ما يتطوع به الجهاد ) قال أحمد : لا أعلم شيئا بعد الفرائض أفضل من الجهاد . والأحاديث متضافرة في ذلك فمنها حديث ابن مسعود ، وحديث [ ص: 311 ] أبي هريرة ، وروى ابن مسعود قال : قيل : يا رسول الله أي الناس أفضل ؛ قال : مؤمن مجاهد في سبيل الله بنفسه وماله . متفق عليه .

                                                                                                                          ( وغزو البحر أفضل من غزو البر ) لحديث أم حرام أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نام عندها ، ثم استيقظ وهو يضحك ، فقلت : ما يضحكك يا رسول الله ؛ قال : ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر ملوكا على الأسرة . أو : مثل الملوك على الأسرة . متفق عليه . من حديث أنس ، وعن أبي أمامة الباهلي مرفوعا : شهيد البحر مثل شهيدي البر ، والمائد في البحر كالمتشحط في دمه في البر ، وإن الله - تعالى - وكل ملك الموت بقبض الأرواح إلا شهداء البحر فإن الله - تعالى - يتولى قبض أرواحهم ، وشهيد البر يغفر له كل شيء إلا الدين ، وشهيد البحر يغفر له كل شيء والدين . رواه ابن ماجه بإسناد ضعيف ، ولأنه أعظم خطرا ومشقة لكونه بين خطر العدو والغرق إلا مع أصحابه ، فكان أفضل من غيره .

                                                                                                                          تنبيه : تكفر الشهادة كل الذنوب غير الدين قال الشيخ تقي الدين : وغير مظالم العباد . وقال الآجري بعد أن ذكر خبر أبي أمامة : هذا في حق من تهاون بقضائه ، أما إذا لم يمكنه قضاؤه ، وكان أنفقه في وجهه ، فإن الله يقضيه عنه مات أو قتل ، وكذا الأعمال الصغار فقط . قال الشيخ تقي الدين : وكذا الحج ؛ لأن الصلاة ورمضان أعظم منه ، ونقل المروذي بر الوالدين يكفر الصغائر .

                                                                                                                          ( ويغزو مع كل بر وفاجر ) لما روى أبو هريرة مرفوعا : الجهاد واجب عليكم مع كل أمير برا كان أو فاجرا . رواه أبو داود ، ولأن تركه مع الفاجر [ ص: 312 ] يفضي إلى قطعه ، وظهور الكفار على المسلمين ، واستئصالهم ، وإعلاء كلمة الكفر . وشرطه أن يحفظ المسلمين لا مخذل ونحوه . وفي الصحيح مرفوعا إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر ، ويقدم القوي منهما ، نص عليه ( ويقاتل كل قوم من يليهم من العدو ) أي : يتعين جهاد المجاور ، نص عليه ، لقوله تعالى : قاتلوا الذين يلونكم من الكفار الآية [ التوبة : 123 ] ، ولأن الأقرب أعظم ضررا . إلا لحاجة مثل كون الأبعد أخوف ، والأقرب مهادنا ، ومع التساوي فجهاد أهل الكتاب أفضل ، لأنهم يقاتلون على دين . قاله ابن المبارك ، واستبعده أحمد ، وحمل على أنه كان متبرعا بالجهاد ، والكفاية حاصلة بغيره .




                                                                                                                          الخدمات العلمية