الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ولدار الآخرة خير ولنعم دار المتقين جنات عدن يدخلونها تجري من تحتها الأنهار لهم فيها ما يشاءون كذلك يجزي الله المتقين الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون

                                                                                                                                                                                                خيرا : أنزل خيرا.

                                                                                                                                                                                                فإن قلت: لم نصب هذا ورفع الأول ؟

                                                                                                                                                                                                قلت: فصلا بين جواب المقر وجواب الجاحد، يعني: أن هؤلاء لما سئلوا لم يتلعثموا، وأطبقوا الجواب على السؤال بينا مكشوفا مفعولا للإنزال، فقالوا: خيرا، أي: أنزل خيرا، وأولئك عدلوا بالجواب عن السؤال فقالوا: هو أساطير الأولين، وليس من الإنزال في شيء، وروي أن أحياء العرب كانوا يبعثون أيام الموسم من يأتيهم بخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- فإذا جاء الوافد كفه المقتسمون وأمروه بالانصراف، وقالوا: إن لم تلقه كان خيرا لك، فيقول: أنا شر وافد إن رجعت إلى قومي دون أن أستطلع أمر محمد وأراه، [ ص: 434 ] فيلقى أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيخبرونه بصدقه، وأنه نبي مبعوث، فهم الذين قالوا خيرا، وقوله: للذين أحسنوا ، وما بعده بدل من "خيرا"، حكاية لقوله: الذين اتقوا، أي: قالوا هذا القول، فقدم عليه تسميته خيرا ثم حكاه، ويجوز أن يكون كلاما مبتدأ عدة للقائلين، ويجعل قولهم من جملة إحسانهم ويحمدوا عليه، حسنة : مكافأة في الدنيا بإحسانهم، ولهم في الآخرة ما هو خير منها، كقوله: فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة [آل عمران : 148]. ولنعم دار المتقين : دار الآخرة، فحذف المخصوص بالمدح لتقدم ذكره، و جنات عدن : خبر مبتدأ محذوف، ويجوز أن يكون المخصوص بالمدح: "طيبين": طاهرين من ظلم أنفسهم بالكفر والمعاصي، لأنه في مقابلة ظالمي أنفسهم، يقولون سلام عليكم : قيل: إذا أشرف العبد المؤمن على الموت جاءه ملك فقال: السلام عليك يا ولي الله، الله يقرأ عليك السلام، وبشره بالجنة.

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية