الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                القاعدة الثامنة والعشرون " المشغول لا يشغل " ولهذا لو رهن رهنا بدين ، ثم رهنه بآخر : لم يجز في الجديد .

                ومن نظائره : لا يجوز الإحرام بالعمرة للعاكف بمنى ، لاشتغاله بالرمي والمبيت .

                ومنها : لا يجوز إيراد عقدين على عين في محل واحد .

                واعلم أن إيراد العقد على العقد ضربان : أحدهما : أن يكون قبل لزوم الأول وإتمامه ، فهو إبطال للأول إن صدر من البائع كما لو باع المبيع في زمن الخيار ، أو أجره أو أعتقه فهو فسخ وإمضاء للأول إن صدر من المشتري بعد القبض .

                الثاني : أن يكون بعد لزومه ، وهو ضربان :

                الأول : أن يكون مع غير العاقد الأول ، فإن كان فيه إبطال الحق الأول . لغا ، كما لو رهن داره ثم باعها بغير إذن المرتهن ، أو آجرها مدة يحل الدين قبلها ، وإن لم يكن فيه إبطال للأول صح ، كما لو أجر داره ثم باعها لآخر ، فإنه يصح لأن مورد البيع : العين ، والإجارة المنفعة . وكذا لو زوج أمته ثم باعها .

                الثاني : أن يكون مع العاقد الأول ، فإن اختلف المورد صح قطعا ، كما لو أجر داره ثم باعها من المستأجر ، صح ولا تنفسخ الإجارة في الأصح ، بخلاف ما لو تزوج بأمة ثم اشتراها فإنه يصح ، وينفسخ النكاح ; لأن ملك اليمين أقوى من ملك النكاح ، فسقط الأضعف بالأقوى ، كذا عللوه .

                واستشكله الرافعي بأن هذا موجود في الإجارة .

                ولو رهنه دارا ، ثم أجرها منه . جاز ، ولا يبطل الرهن ، جزم به الرافعي . قال : وهكذا لو أجرها ، ثم رهنها منه . يجوز ; لأن أحدهما ورد على محل الآخر فإن الإجارة على المنفعة ، والرهن على الرقبة ، وإن اتحد المورد ، كما لو استأجر زوجته لإرضاع ولده ، فقال العراقيون : لا يجوز ; لأنه يستحق الانتفاع بها في تلك الحالة ، فلا يجوز أن يعقد عليها عقدا آخر يمنع استيفاء الحق ، والأصح : أنه يجوز ، ويكون الاستئجار من حين يترك الاستمتاع . [ ص: 152 ] ولو استأجر إنسانا للخدمة شهرا ، لم يجز أن يستأجر تلك المدة لخياطة ثوب ، أو عمل آخر . ذكره الرافعي ، في النفقات .

                قال الزركشي : ومنه يؤخذ امتناع استئجار العكامين للحج .

                قال : وهذا من قاعدة " شغل المشغول لا يجوز " بخلاف شغل الفارغ .

                التالي السابق


                الخدمات العلمية