الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) القسم الرابع من أقسام خطاب الوضع ( المانع ) وهو اسم فاعل من المنع . وهو ( ما يلزم من وجوده العدم ، ولا يلزم من عدمه وجود ولا عدم ) فالأول : احتراز من السبب ; لأنه يلزم من وجوده الوجود . والثاني : احتراز من الشرط ; لأنه يلزم من عدمه العدم .

والثالث : وهو قولنا ( لذاته ) احتراز من مقارنة المانع لوجود سبب آخر . فإنه يلزم الوجود لا لعدم المانع ، بل لوجود السبب الآخر ، كالمرتد القاتل لولده ، فإنه يقتل بالردة ، وإن لم يقتل قصاصا ، لأن المانع لأحد السببين فقط ( وهو ) أي المانع ( إما لحكم ) وتعريفه بأنه وصف وجودي ظاهر منضبط مستلزم لحكمة تقتضي نقيض حكم السبب مع بقاء حكم المسبب ( كأبوة في قصاص ) مع القتل العمد العدوان . وهو كون الأب سببا لوجود الولد ، فلا يحسن كونه سببا لعدمه . فينتفي الحكم وهو القصاص مع وجود مقتضيه ، وهو القتل ( أو ) يكون المانع ( لسببه ) أي سبب الحكم ، والمانع هنا : وصف يخل وجوده بحكمة السبب ( كدين مع ملك نصاب ) ووجه ذلك : أن حكمة وجوب الزكاة في النصاب - الذي هو السبب - كثرة تحمل المواساة منه شكرا على نعمة ذلك ، لكن لما كان المدين مطالبا بصرف الذي يملكه في الدين صار كالعدم . وسمي الأول : مانع الحكم ; لأن سببه مع بقاء حكمته لا يؤثر .

والثاني : مانع السبب ، لأن حكمته فقدت مع وجود صورته فقط ، فالمانع : ينتفي الحكم لوجوده . والشرط : ينتفي الحكم لانتفائه ( ونصب هذه ) الأشياء ، وهي العلة والسبب والشرط والمانع ( مفيدة ) أي حال إفادتها ( مقتضياتها ) والمعنى : أن نصبها لتفيد ما اقتضته [ ص: 144 ] من الأحكام ( حكم شرعي ) أي قضاء من الشارع بذلك . فجعل الزنا سببا لوجوب الحد حكم شرعي ، ووجوب الحد حكم آخر . وكذا وجوب حد القذف مع جعل القذف سببا له . ووجوب القطع مع نصب السرقة سببا له ، ووجوب القتل بالردة أو القصاص مع نصب الردة أو القتل سببا . ونظائره كثيرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية