الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون بالبينات والزبر وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون

                                                                                                                                                                                                قالت قريش: الله أعظم من أن يكون رسوله بشرا، فقيل: وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم : على ألسنة الملائكة، فاسألوا أهل الذكر : وهم أهل الكتاب، ليعلموكم أن الله لم يبعث إلى الأمم السالفة إلا بشرا.

                                                                                                                                                                                                فإن قلت: بم تعلق قوله: "بالبينات" ؟

                                                                                                                                                                                                قلت: له متعلقات شتى، فإما أن يتعلق بما أرسلنا داخلا تحت حكم الاستثناء مع رجالا أي: وما أرسلنا إلا رجالا بالبينات، كقولك: ما ضربت إلا زيدا بالسوط; لأن أصله: ضربت زيدا بالسوط وإما: برجالا، صفة له: أي: رجالا ملتبسين بالبينات، وإما بأرسلنا مضمرا، كأنما قيل: بما أرسلوا؟ فقلت: بالبينات، فهو على كلامين، والأول على كلام واحد، وإما بيوحي، أي: يوحي إليهم بالبينات، وإما بلا تعلمون، على أن الشرط في معنى التبكيت والإلزام، كقول الأجير: إن كنت عملت لك فأعطني حقي، وقوله: فاسألوا أهل الذكر : اعتراض على الوجوه المتقدمة، وأهل الذكر: أهل الكتاب، وقيل للكتاب الذكر; لأنه موعظة وتنبيه للغافلين، ما نزل إليهم : يعني: ما نزل الله إليهم في الذكر مما أمروا به ونهوا عنه ووعدوا وأوعدوا، ولعلهم يتفكرون : وإرادة أن يصغوا إلى تنبيهاته فيتنبهوا ويتأملوا.

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية