الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          باب الخاء والضاد وما يثلثهما

                                                          ( خضع ) الخاء والضاد والعين أصلان : أحدهما تطامن في الشيء ، والآخر جنس من الصوت .

                                                          فالأول الخضوع . قال الخليل . خضع خضوعا ، وهو الذل والاستخذاء . واختضع فلان ، أي تذلل وتقاصر . ورجل أخضع وامرأة خضعاء ، وهما الراضيان [ ص: 190 ] بالذل . قال العجاج :


                                                          وصرت عبدا للبعوض أخضعا يمصني مص الصبي المرضعا

                                                          وقال غيره : خضع الرجل ، وأخضعه الفقر . ورجل خضعة : يخضع لكل أحد . قال الشيباني : الخضع انكباب في العنق إلى الصدر; يقال رجل أخضع وعنق خضعاء . قال زهير :


                                                          وركاء مدبرة كبداء مقبلة     قوداء فيها إذا استعرضتها خضع

                                                          قال بعض الأعراب : الخضع في الظلمان : انثناء في أعناقها . قال أبو عمرو : المختضع من اللواحم المتطامن رأسه إلى أسفل خرطومه . قال النابغة :


                                                          أهوى لها أمغر الساقين مختضع     خرطومه من دماء الصيد مختضب

                                                          قال ابن الأعرابي : الأخضع المتطامن . ومنه حديث الزبير : " أنه كان أخضع أشعر " . قال أبو حاتم : الخضعان أن تخضع الإبل بأعناقها في السير ، وهو أشد الوضع . قال : ويقال أخضعه الشيب وخضعه . قال : ويقال اختضع الفحل الناقة ، وهو أن يسانها ثم يختضعها إلى الأرض بكلكله . ويقال خضع النجم ، إذا مال للمغيب . قال امرؤ القيس :


                                                          بعثت إليها والنجوم خواضع     بليل حذارا أن تهب وتسمعا

                                                          [ ص: 191 ] قال ابن دريد : خضع الرجل وأخضع ، إذا لان كلامه . وفي الحديث : " نهى أن يخضع الرجل لغير امرأته " أي يلين كلامه .

                                                          وأما الآخر فقال الخليل : الخيضعة : التفاف الصوت في الحرب وغيرها . ويقال هو غبار المعركة .

                                                          وهذا الذي قيل في الغبار فليس بشيء ; لأنه لا قياس له ، إلا أن يكون على سبيل مجاورة . قال لبيد في الخيضعة :


                                                          الضاربون الهام تحت الخيضعه

                                                          قال قوم : الخيضعة معركة القتال ; لأن الأقران يخضع فيها بعض لبعض . وقد عادت الكلمة على هذا القول إلى الباب الأول .

                                                          قال ابن الأعرابي : وقع القوم في خيضعة ، أي صخب واختلاط . قال ابن الأعرابي : والخضيعة الصوت الذي يسمع من بطن الدابة إذا عدت ، ولا يدرى ما هو ، ولا فعل من الخضيعة . قال الخليل الخضيعة ارتفاع الصوت في الحرب وغيرها ، ثم قيل لما يسمع من بطن الفرس خضيعة . وأنشد :


                                                          كأن خضيعة بطن الجوا     د وعوعة الذئب في فدفد

                                                          قال أبو عمرو : ويقال خضع بطنه خضيعة ، أي صوت .

                                                          [ ص: 192 ] قال بعضهم : الخضوع من النساء : التي تسمع لخواصرها صلصلة كصوت خضيعة الفرس . قال جندل :


                                                          ليست بسوداء خضوع الأعفاج     سرداحة ذات إهاب مواج

                                                          قال أبو عبيدة : الخضيعتان لحمتان مجوفتان في خاصرتي الفرس ، يدخل فيهما الريح فيسمع لهما صوت إذا تزيد في مشيه . قال الأصمعي : يقال : " للسياط خضعة ، وللسيوف بضعة " . فالخضعة : صوت وقعها ، والبضعة : قطعها اللحم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية