الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        فأصبح في المدينة خائفا يترقب فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه قال له موسى إنك لغوي مبين فلما أن أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما قال يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض وما تريد أن تكون من المصلحين

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 243 ] قوله تعالى : فأصبح في المدينة خائفا يترقب فيه ثلاثة أوجه :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : خائفا من قتل النفس أن يؤخذ بها .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : خائفا من قومه .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : خائفا من الله .

                                                                                                                                                                                                                                        يترقب فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : يتلفت من الخوف ، قاله ابن جبير .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : ينتظر .

                                                                                                                                                                                                                                        وفيما ينتظر فيه ثلاثة أقاويل :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : ينتظر الطلب إذا قيل إن خوفه كان من قتل النفس .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : ينتظر أن يسلمه قومه إذا قيل إن خوفه منهم .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : ينتظر عقوبة الله إذا قيل إن خوفه كان منه .

                                                                                                                                                                                                                                        فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه يعني الإسرائيلي الذي كان قد خلصه بالأمس ووكز من أجله القبطي فقتله ، استصرخه واستغاثه على رجل آخر من القبط خاصمه .

                                                                                                                                                                                                                                        قال له موسى إنك لغوي مبين فيه قولان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : أنه قال ذلك للإسرائيلي لأنه قد أغواه بالأمس حتى قتل من أجله رجلا ويريد أن يغويه ثانية .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أنه قال ذلك للقبطي فظن الإسرائيلي أنه عناه فخافه ، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                        فلما أن أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما وهو القبطي لأن موسى أخذته الرقة على الإسرائيلي فقال الإسرائيلي : قال يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس فيه قولان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : أن الإسرائيلي رأى غضب موسى عليه وقوله إنك لغوي مبين ، فخاف أن يقتله فقال : أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أن الإسرائيلي خاف أن يكون موسى يقتل القبطي فيقتل به الإسرائيلي فقال ذلك دفعا لموسى عن قتله ، قاله يحيى بن سلام : قال يحيى : وبلغني أن هذا الإسرائيلي هو السامري .

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 244 ] وخلى الإسرائيلي القبطي فانطلق القبطي وشاع أن المقتول بالأمس قتله موسى .

                                                                                                                                                                                                                                        إلا أن تكون جبارا في الأرض قال السدي : يعني قتالا .

                                                                                                                                                                                                                                        قال أبو عمران الجوني : وآية الجبابرة القتل بغير [حق] .

                                                                                                                                                                                                                                        وقال عكرمة : لا يكون الإنسان جبارا حتى يقتل نفسين [بغير حق] .

                                                                                                                                                                                                                                        وما تريد أن تكون من المصلحين أي وما هكذا يكون الإصلاح .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية