الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              1730 (باب من تحل له المسألة)

                                                                                                                              ومثله في النووي .

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 133 - 134 ج 7 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن قبيصة بن مخارق الهلالي، قال تحملت حمالة، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله فيها. فقال: "أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها".

                                                                                                                              قال: ثم قال: "يا قبيصة! إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل [ ص: 644 ] تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله، فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش (أو قال سدادا من عيش) . ورجل أصابته فاقة حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحجا من قومه: لقد أصابت فلانا فاقة. فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش (أو قال سدادا من عيش) . فما سواهن من المسألة يا قبيصة! سحتا، يأكلها صاحبها سحتا"
                                                                                                                              .]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن قبيصة بن مخارق الهلالي؛ قال: تحملت حمالة) بفتح الحاء.

                                                                                                                              وهي المال الذي يتحمله الإنسان. أي: يستدينه ويدفعه في إصلاح ذات البين. كالإصلاح بين قبيلتين ونحو ذلك.

                                                                                                                              (فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله فيها. فقال: " أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها". ثم قال: "يا قبيصة! إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة، فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله، فحلت له المسألة حتى يصيب قوامة من عيش" - أو قال: سدادا من عيش -) .

                                                                                                                              هما بكسر القاف والسين: بمعنى واحد. وهو ما يغني من الشيء، وما تسد به الحاجة.

                                                                                                                              [ ص: 645 ] وكل شيء سددت به شيئا، فهو "سداد" بالكسر. ومنه: "سداد" الثغر والقارورة. وقولهم: "سداد من عوز".

                                                                                                                              ("ورجل أصابته فاقة حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحجا من قومه: لقد أصابت فلانا فاقة) .

                                                                                                                              هكذا هو في جميع النسخ: "يقوم ثلاثة ". وهو صحيح.

                                                                                                                              أي: يقومون بهذا الأمر فيقولون: لقد أصابته فاقة.

                                                                                                                              (والحجا) مقصور. وهو العقل.

                                                                                                                              وإنما قال صلى الله عليه وآله وسلم: " من قومه "، لأنهم من أهل الخبرة بباطنه. والمال مما يخفى في العادة. فلا يعلمه إلا من كان خبيرا بصاحبه.

                                                                                                                              وإنما شرط " الحجا ": تنبيها على أنه يشترط في الشاهد التيقظ. فلا قبل من مغفل.

                                                                                                                              وأما اشتراط (الثلاثة) ، فقال بعض الشافعية: هو شرط في بينة الإعسار.

                                                                                                                              فلا يقبل إلا من ثلاثة، لظاهر هذا الحديث.

                                                                                                                              وقال الجمهور: يقبل من عدلين، كسائر الشهادات غير " الزنا ". وحملوا الحديث على " الاستحباب".

                                                                                                                              وهذا محمول على من عرف له مال. فلا يقبل قوله في تلفه والإعسار، إلا ببينة.

                                                                                                                              [ ص: 646 ] وأما من لم يعرف له مال، فالقول قوله في عدم المال.

                                                                                                                              (فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش " أو قال: سداد من عيش". فما سواهن من المسألة يا قبيصة! سحتا) .

                                                                                                                              وفي رواية غير مسلم : "سحت". وهذا واضح.

                                                                                                                              قال النووي : ورواية مسلم صحيحة. وفيه إضمار. أي: " أعتقده سحتا". أو يؤكل "سحتا ".

                                                                                                                              (يأكلها صاحبها سحتا) .

                                                                                                                              قال النووي : وإنما تحل له المسألة ويعطى من الزكاة، بشرط أن يستدين لغير معصية.




                                                                                                                              الخدمات العلمية